ماءالعينين لكحل لأفريكا نيوز: المستقبل للجمهورية الصحراوية، النصر حتمي، والشعب الصحراوي ماضٍ بثبات نحو الحرية والاستقلال

MelAfricanews
خميس 27/02/2025 - 18:54

الجزائر 27 فبراير 2025 (واص)- أكد السفير الصحراوي ماءالعينين لكحل، نائب الممثل الدائم للجمهورية الصحراوية لدى الاتحاد الأفريقي، في حوار نشرته اليوم جريدة أفريكا نيوز، أن المستقبل للجمهورية الصحراوية كحقيقة لا رجعة فيها، والنصر حتمي لأن الشعب الصحراوي ماض بثبات نحو انتزاع حريته واستقلاله رغم محاولات الاحتلال المغربي ومن يسانده من قوى استعمارية سابقة.

وفيما يلي النص الكامل للحوار:

المغرب لم يعد فقط قوة احتلال للصحراء الغربية، بل أصبح شريكاً في مشاريع الهيمنة الصهيونية

في الذكرى 49 لتأسيس الجمهورية الصحراوية، ماء العينين لكحل، سفير صحراوي و نائب ممثل الجمهورية الصحراوية لدى الاتحاد الإفريقي  في حوار لأفريكا نيوز :

حاورته : كاميليا أمير

يخلد الشعب الصحراوي اليوم الذكرى 49 لتأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية و التي تعتبر أكبر شاهد على الكفاح ضد المحتل المغربي الذي لا يزال لحد اليوم يمارس سياسة القمع و التهجير ضد الصحراويين. بهذه المناسبة خصنا السفير ماء العينين لكحل نائب الممثل الدائم للجمهورية الصحراوية لدى الاتحاد الافريقي بهذا الحوار للحديث عن مكاسب الصحراويين ومعانتهم في سبيل تحقيق الاستقلال.

1. تمر اليوم 49 سنة على إعلان تأسيس الجمهورية الصحراوية، والشعب الصحراوي لايزال مرابطا يكافح من أجل استقلاله. ماهو تقييمكم لمشوار الشعب الصحراوي منذ 1976 و إلى حد اليوم ؟

أعتقد أن نصف قرن من الإصرار على الصمود وعلى تحدي كل القوى الاستعمارية الفرنسية، والاسبانية، وصنيعتهما المخزنية، تكفي لتؤكد أن الشعب الصحراوي قد كتب واحدة من أعظم ملاحم الكفاح في التاريخ المعاصر للقارة الإفريقية والعالم. فمنذ إعلان الجمهورية الصحراوية سنة 1976، في ظروف تكالبت فيها كل هذه القوى وغيرها، خاض الصحراويون بوسائل بسيطة، وبإمكانيات تكاد تكون معدومة، معارك شرسة، عسكرياً ودبلوماسياً وثقافيا وإنسانيا ضد جيوش وقوى غير متكافئة، وأثبتوا فيها جميعها أنهم رقم صعب في المعادلة الجهوية والقارية والدولية لا يمكن القفز عليها أو تجاوزها.

وربما لا يدرك الكثيرون عمق الإنجازات التاريخية التي حققتها الثورة الصحراوية خلال الخمسين سنة الماضية، لكن من ينظر إلى تاريخ الشعب الصحراوي، وكيف حاولت القوى الاستعمارية المختلفة حرمانه من الوحدة، ومن تحقيق استقلاله و هذا من خلال ترك البلد بدون أي سلطة، سيدرك أن إعلان الجمهورية الصحراوية من قبل مفجر ثورة العشرين ماي الخالدة، الشهيد الولي مصطفى السيد، ورفاقه من قيادات جبهة البوليساريو، قد أفسدت كل هذه الخطط الاستعمارية، وفرضت إرادة هذا الشعب بفضل تضحيات أبنائه وبناته. وقد تحققت الوحدة الوطنية الصحراوية التي ما تزال تقض مضاجع الاحتلال المغربي، وترسخت الدولة الصحراوية كحقيقة سياسية لا يمكن تجاوزها، فيما ظل الاحتلال المغربي غارقاً في أزماته، يفشل مرة بعد مرة في فرض شرعية مزعومة يبحث عنها لدى الفرنسيين تارة، ولدى الإسبان تارة أخرى، أو حتى لدى الصهاينة دون طائل. وعلى الرغم من كل الأزمات الدولية الطاحنة التي عصفت بدول وفككت إمبراطوريات، وعلى الرغم من المؤامرات والرشاوي والتواطؤ الواضح، وعلى الرغم من تكالب كل القوى المناهضة للحرية لا يزال الشعب الصحراوي مرابطاً في الميدان، متمسكاً بحقه الثابت في الحرية والاستقلال، معتمدا على قدراته الذاتية وعلى مساندة أحرار العالم، وعلى رأسهم الشعب الجزائري الشقيق، مستمداً من نضاله الطويل إيماناً راسخاً بأن النصر قادم لا محالة.

2. على الصعيد الدبلوماسي هناك العديد من الانجازات التي تصب في صالح القضية الصحراوية. ما رأيكم أستاذ ؟

بالتأكيد، فلقد حققت القضية الصحراوية مكاسب هامةعلى المستوى الدبلوماسي، جعلت من الجمهورية الصحراوية كما أسلفت رقما صعبا في أي معادلة سياسية بالمنطقة وبالقارة، فالجمهورية الصحراوية عضو مؤسس وفاعل في الإتحاد الإفريقي، والمملكة المغربية قد اعترفت بهذا العضو شاءت الإقرار بذلك أم أنكرته، لأنها بمجرد توقيعها على القانون التأسيسي للاتحاد ونشره في الجريدة الرسمية للملكة، تكون قد أقرت بمبادئ وأهداف الاتحاد وعلى رأسها الاعتراف بالحدود الموروثة بعد جلاء الاستعمار، وأكثر من ذلك أقرت بالأعضاء المؤسسين للاتحاد، ومنهم الجمهورية الصحراوية. هذه في حد ذاتها كانت نكسة دبلوماسية وسياسية حقيقية للمغرب. أكثر من ذلك، المملكة المغربية تجلس مع الجمهورية الصحراوية على نفس المستوى، وفي اجتماعات قارية ودولية سواء مع الدول الأوروبية، أو الأسيوية، أو من قارات أخرى، وأصبحت محرجة لأنها لم تعد تستطيع أن تلوم أي بلد لتعامله مع الجمهورية الصحراوية ما دامت هي مضطرة لهذا التعامل قاريا ودوليا.

من جهة أخرى، قادت الدولة الصحراوية معارك قانونية شرسة ضد المملكة وداعميها من ناهبي ثرواتنا الطبيعية، ونجحت في تحقيق انتصارات قانونية تاريخية كان آخرها حكم محكمة العدل الأوروبية النهائي ببطلان أي اتفاقيات بين المغرب والإتحاد الأوروبي إذا كانت تشمل ثروات الصحراء الغربية. نفس الشيء صدر عن المحكمة الأوروبية ضد كل استغلال أو إنتهاك لأجواء أو مياه الصحراء الغربية. ضف إلى ذلك أنه في حين أن الجمهورية الصحراوية تحصل على الدعم من قبل الدول والهيئات بسبب عدالة قضيتها، ومسؤوليتها، تضطر المملكة اضطرارا إلى بذل ملايين الدولارات لشراء الذمم، وإلى ابتزاز المواقف أو استجدائها وباعت في سبيل ذلك أعراض شعبها وخيراته ومنحتها لقوى دولية معروفة للجميع، وفي المحصلة لم يحصد المخزن إلا الفضائح تلو الفضائح.وخلاصة القول، أن الدولة الصحراوية نجحت وبجدارة في طرح هذه القضية العادلة في كل المحافل الدولية، سواء منها القارية أو الأممية، كما نجحت في إيصال صوت الشعب الصحراوي إلى كل أنحاء المعمورة بفضل الانتشار الدبلوماسي الصحراوي، وفضحت سياسات الاحتلال المغربي التي لا تملك أي حجج بل تعتمد على التضليل وشراء المواقف.

3. يواصل المغرب انتهاكاته الصارخة ضد حقوق الإنسان: تعذيب وتكميم للأفواه واعتقالات كان آخرها اعتقال طفل لعدة أيام، كيف سيواجه الصحراويين هذا القمع على الصعيدين الميداني و الدبلوماسي ؟

القمع المغربي في الأراضي المحتلة ليس جديداً، بل هو استمرار لسياسة الترهيب التي يمارسها الاحتلال منذ اجتياحه للصحراء الغربية وهو نفس الأسلوب الذي اتبعته كل القوى الاستعمارية من قبل دون أن تنجح في فرض أجنداتها الاستعمارية. الشعب الصحراوي، الذي خضع إلى كل أشكال القمع والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وحرب الإبادة الحقيقية التي تشنها ضده دولة المخزن، لم ينكسر، بل ظل يقاوم بإرادة فولاذية يشهد له بها الجميع. ميدانياً، يواصل الصحراويون نضالهم السلمي، ويواجهون الاحتلال بصمود أسطوري. عشرات المعتقلين السياسيين الصحراويين ما يزالون في السجون المغربية يرفضون الخضوع لإرادة الاحتلال، ويتمسكون بكرامتهم وبالمقاومة. أما حقوقيا، فقد أصبح ملف الانتهاكات المغربية في الصحراء الغربية من الملفات الثقيلة التي تعري النظام المغربي أمام المنظمات الحقوقية الدولية. والضغط في هذا الاتجاه سيظل سلاحاً فعالاً حتى تتحقق العدالة. لا توجد اليوم منظمة حقوقية دولية واحدة تستطيع أن تدعي جهلها بما يجري في المناطق المحتلة، سواء منها المنظمات والهيئات التابعة للأمم المتحدة، أو الجمعيات المستقلة مثل هيومن رايتس واتش، أو أمنيستي، وغيرها. وبالتالي سقطت جميع الأقنعة، ووقف المغرب ومن يقف وراءه من حكومات أوروبية وغيرها عراة أمام حقيقة نفاقهم، وتواطئهم في انتهاك حقوق الإنسان، والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني الذي يدعون حمايته والدفاع عنه وسيضطرون إن شاء الله آجلا أو عاجلا للخضوع لإرادة الشعب الصحراوي.

4. منذ العودة إلى الكفاح المسلح في 2022، سدد الصحراويون ضربات موجعة للجيش المغربي، كيف يمكنكم تقييم العمل العسكري ميدانيا

لا أستطيع الادعاء بقدرتي على تقديم أي تقييم عسكري للعمليات التي يشنها أبطال جيش التحرير الشعبي الصحراوي ضد الجيش المغربي المحتل منذ نوفمبر 2020، ولكن يمكن القول أن العمليات العسكرية اليومية على طول جدار الذل والعار أربكت حسابات الاحتلال، وكشفت ضعف جيشه رغم الدعاية التي يروج لها وأرغمته على البحث عن النجدة لدى عرابيه الفرنسيين وغيرهم، والبحث عن الدعم العسكري والمادي والاستخباراتي لدى أشقائه الصهاينة. ولقد أثبت الميدان أن القوة لا تكمن في العتاد، بل في الإرادة، والصحراويون أثبتوا أن إرادتهم لا تقهر، وأن معركتهم مستمرة حتى تحرير كل شبر من أرضهم المحتلة، وأنهم لا يحسبون المعركة بالوقت والمال والعتاد بل بالصمود، والاستمرار والصبر. وسنرى من سيبقى واقفا حتى النهاية، هل هو نظام الذل المغربي المتساقط المنبطح أمام الصهيونية، أم هم أبناء الشعب الصحراوي ومقاتلوه الأشاوس الذين أثبتوا استعدادهم للتضحية بكل شيء من أجل الحرية والكرامة.

5. يواصل المغرب استفزازاته من خلال استقبال ممثلين عن دول كانت آخرهم رشيدة داتي وزيرة الثقافة الفرنسية ذات الاصول المغربية، في رأيكم هل سيكون لهذا النوع من الابتزازات صدى أم انها زوبعة في فنجان ؟

تحركات المغرب، كاستقبال شخصيات سياسية موالية له، ليست سوى محاولات يائسة لتسويق احتلاله المرفوض دولياً. وزيرة الثقافة الفرنسية-المغربية الأصل رشيدة داتي أو رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي الذي حج هو بدوره لمحاولة تخفيف الضغوط عن محميته المغربية، و غيرهما من الأجانب المتساقطين، أو المرتشين حتما، لن يغيروا شيئاً من الواقع، فالمغرب دولة احتلال غير شرعية، ووجوده في الصحراء الغربية غير قانوني، والصحراء الغربية ليست ملكا لا لرشيدة داتي، ولا لفرنسا، ولا لغيرها حتى يمنحوها للمخزن. الصحراء الغربية ملك حصري للشعب الصحراوي، وهو الوحيد القادر على تقرير مصيرها.

وبالتالي هذه التحركات والبهلوانيات السياسية ليست إلا زوبعة في فنجان، ومهما حاول النظام المغربي البحث عن شرعية مفقودة، فلن يستطيع تغيير حقيقة أنه قوة احتلال لا سيادة لها على الصحراء الغربية. وهنا استحضر أمثلة مشابهة من تاريخ الثورة الجزائرية العظيمة، فكلنا يتذكر زيارات الرئيس الفرنسي شارل ديغول نفسه للجزائر خلال السنوات الأخيرة من الوجود الاستعماري الفرنسي في الجزائر، وكلنا يعرف أن هذه الزيارات لم تورث ديغول وفرنسا معه إلا الحسرات، لأن الشعب الجزائري كان وحده السيد على بلاده، وهو وحده من قرر مصيرها، وليس أي أجنبي فرنسيا كان أو غيره.

6. بعد الإعلان عن التطبيع بين المغرب والكيان الصهيوني هل هناك تأثير لهذا القرار على القضية الصحراوية ؟

قرار التطبيع المغربي مع الكيان الصهيوني فضح المخططات المغربية أكثر من أي وقت مضى وكشف الهوية الانتهازية، المنبطحة، والخيانية للمخزن. المغرب لم يعد فقط قوة احتلال للصحراء الغربية، بل أصبح شريكاً في مشاريع الهيمنة الصهيونية، وشريكا في جريمة الإبادة التي ترتكب ضد أشقائنا في غزة وفي لبنان، وفي غيرها من دول العالم التي تعاني من الهمجية الصهيونية. الصحراويون لم يعولوا يوماً على النظام المغربي في إتخاذ مواقف مشرفة، كما أنهم قاوموا المغرب منذ السبعينات ومعه نفس القوى الاستعمارية التي ربما كانت تختبي سابقا وتخفي تورطها، ولكنها اليوم لم تعد تخفي شيئا لأن الاحتلال المغربي يعيش مراحله الأخيرة، وهي تصارع اليوم في محاولات يائسة لتقديم العون له.

نظام المخزن فقد كل شيء، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وقدسلم مصيره تماما للصهيونية العالمية، ولعرابيه الفرنسيين، ولم يعد يملك ما يعطيه لا لشعبه ولا لشعوب المنطقة للأسف الشديد، وقد بات جاهزا للذهاب إلى مزبلة التاريخ، وأعتقد أن ذلك سيحصل قريبا جدا أكثر مما قد يتخيل البعض.

7. في الأخير كلمة بمناسبة مرور 49 سنة على تأسيس دولتكم، ومازال الملف الصحراوي لم يحل بعد ولم تستقل بعد آخر مستعمرة في إفريقيا ؟

في هذه الذكرى التاسعة والأربعين، نقول للعالم أجمع أن الشعب الصحراوي مصر على الوقوف شامخا صامدا حتى آخر رمق، هنا على هذه الأرض الشريفة، لم ينكسر يوما، ولم يتراجع عن مبادئه وحقوقه، ولن يتراجع حتى تحقيق استقلاله الكامل وحتى تطهير آخر شبر من تراب الساقية الحمراء ووادي الذهب أرض الأولياء، والشهداء والمقاومين الشامخين. الجمهورية الصحراوية ليست حلماً، بل هي واقع متجذر في الأرض وفي وجدان كل الصحراويين، يكبر مع كل يوم من المقاومة والتضحيات وستظل قائمة مادام في الشعب الصحراوي رمق من حياة. لقد أثبتنا عبر الزمن أن إرادتنا لا تهزم، وأن رهان الاحتلال على عامل الزمن كان وهماً، فالمستقبل لنا، والانتصار حتمي، والشعب الصحراوي ماضٍ بثبات نحو الحرية والاستقلال، مهما كانت التحديات. ولا نامت أعين الجبناء." (واص)

090/500/60  (واص)

Share