دبلوماسي صحراوي لـ الشروق أولاين " كل ما نطلبه من الجميع هو احترام القانون الدولي"

دبلوماسي صحراوي
جمعة 21/02/2025 - 11:31

الجزائر ، 21 فبراير 2025 (واص) - أكد نائب المندوب الدائم لدى الإتحاد الأفريقي السفير ماء العينين لكحل أن كل ما يطلبه الشعب الصحراوي هو احترام القانون الدولي الذي يؤكد على حقه  في تقرير المصير والاستقلال .

السفير الصحراوي وفي حوار أجرته معه جريدة الشروق أولاين قال " نحن لا نطلب من أي كان أن ينحاز لنا أو لقضيتنا، كل ما نطلبه من الجميع هو أن يحترموا القانون الدولي، والقانون الأفريقي، وقرارات الأمم المتحدة، ومقررات الإتحاد، وأن يحترموا في النهاية حق كل الشعوب في تقرير المصير، والحرية والاستقلال بكل بساطة.    

نص الحوار : 
عاد نائب الممثل الدائم للصحراء الغربية بالإتحاد الأفريقي، السفير ماء العينين لكحل، في أجوبته على أسئلة “الشروق أونلاين”، إلى القمة الإفريقية الأخيرة التي عقدت منتصف هذا الشهر في أديس أبابا، والتي أصدرت قرارا يصنف الاسترقاق والترحيل والاستعمار كجرائم ضد الإنسانية، إضافة إلى انتخاب سفيرة الجزائر بإثيوبيا، سلمى مليكة حدادي، في منصب نائب رئيس المفوضية الإفريقية، وتحدث عن تأثير هذه المستجدات على القضية الصحراوية.

“الشروق أونلاين”: كيف تنظرون إلى الزيارة التي قامت بها وزيرة الثقافة الفرنسية، رشيدة داتي، إلى مدينة العيون في الصحراء الغربية؟
ماء العينين لكحل: نحن نرى أن زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية المغربية الأصل، رشيدة داتي، إلى المناطق المحتلة من الصحراء الغربية هي خطوة غير شرعية، غير موفقة واستفزازية، تعكس التواطؤ التاريخي المعروف للحكومة الفرنسية بل والتورط المباشر لهذا البلد، مع الاحتلال المغربي ومحاولاته اليائسة لفرض سيادة مزعومة على أراضينا. هذه الزيارة ليست حدثا ثقافيا كما يدعى، بل تأتي في سياق دعم سياسي واضح من باريس لسياسات الاستعمار المغربي، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وحقوق الشعب الصحراوي غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير والاستقلال.

هذه الخطوة تعزز قناعة شعبنا بأن فرنسا لا تزال مصرة على أن تكون الجزء الأكبر من المشكلة، وماتزال مصرة على أن تلعب دورا سلبيا في القضية الصحراوية، متجاهلة الشرعية الدولية التي تصنّف الصحراء الغربية كإقليم محتل يخضع لعملية تصفية استعمار واضحة منذ الستينيات.

من جهة أخرى، فإن تدشين مشاريع ثقافية، بين قوسين، تحت مظلة الاحتلال لا يغيّر شيئا من حقيقة أن هذه الأراضي محتلة بشكل غير شرعي، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يضفي أي تواجد فرنسي أو غيره شرعية متخيلة على الاحتلال المغربي غير القانوني.

نحمّل الحكومة الفرنسية المسؤولية عن هذا التواطؤ الخطير، وندعوها إلى مراجعة سياساتها المنحازة للاحتلال، والتي تتعارض مع مبادئ العدالة وحقوق الإنسان، ونذكرها بأنها عضو دائم في مجلس الأمن، وتتحمل جزءا هاما من المسؤولية عن تطبيق القانون الدولي، أو المفروض أن يكون الأمر كذلك، ومن العار أن تواصل التنكر لهذه المسؤوليات، بل وأن تدعم الاحتلال. نذكرها أيضا أن موقفها هذا يفضح ازدواجية المعايير التي تتبعها في التعاطي مع النزاعات، ونذكرها بأنه يضرب في الصميم أي موقف تدعيه في قضايا أخرى ربما تحاول فيها الوقوف مع الشرعية الدولية.

نؤكد أيضا أن الشعب الصحراوي لن يقف مكتوف الأيدي أمام محاولات سرقة هويته الثقافية، ولن يقبل بأي أمر واقع يُفرض عليه بالقوة أو عبر المناورات السياسية والثقافية، وسيواصل مقاومته المشروعة لكل أشكال الاحتلال، والاستعمار، والاستيطان، ونهب الخيرات بما فيها الموارد الثقافية للشعب الصحراوي.

ومن جهة أخرى، لا يسعنا أيضا إلا أن نتساءل: أين الأمم المتحدة من كل هذا العبث المغربي بالقانون الدولي؟ وأين منه الاتحاد الأوروبي، الذي طالما صمنا بادعاءاته الدفاع عن حقوق الإنسان؟ بل أين اليونيسكو من هذا الاعتداء الاستعماري على الثقافة والهوية الصحراوية؟

جميع الهيئات الدولية المختصة مدعوة للتدخل العاجل لوضع حد لهذا الاستغلال الثقافي، ومنع توظيف الثقافة كأداة استعمارية لتبرير الاحتلال.

وكما أفشلت إرادة الشعب الصحراوي كل المخططات الاستعمارية السابقة، فإننا واثقون بأن هذه المحاولات البائسة ستفشل أيضًا، وسنواصل نضالنا حتى تحرير أرضنا واستعادة سيادتنا الوطنية الكاملة.

صدر شهر أكتوبر من العام الماضي حكم نهائي لمحكمة العدل الأوروبية ببطلان الاتفاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب. ما هي الخطوات التي تعتزم الحكومة الصحراوية اتخاذها بعد الحكم؟
فعلا، يعد الحكم النهائي لمحكمة العدل الأوروبية الذي أكد بطلان الاتفاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لكونها تشمل الصحراء الغربية دون موافقة الشعب الصحراوي، انتصارا تاريخيا للشعب الصحراوي، ورغم أنني لا ادعي الاطلاع على خطط ونوايا الحكومة الصحراوية الرامية لضمان التنفيذ الفعلي لهذا القرار، ومنع أي محاولات للالتفاف عليه، غير أنني أعتقد أن هناك توجها متعدد الأوجه من الممكن أن يشكل استراتيجية مستقبلية في هذا السياق.

فمثلا، يمكن لهذا القرار أن يحفز الحكومة الصحراوية لتكثيف جهودنا الدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه لضمان التزامها الكامل بالحكم، والامتناع عن أي تعامل اقتصادي يشمل الصحراء الغربية دون موافقة جبهة البوليساريو، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي. ويمكننا الآن، بناء على هذا الحكم أن نطالب بإجراءات واضحة لتنفيذ القرار على أرض الواقع، بما في ذلك وقف جميع الأنشطة التجارية التي تشمل مواردنا الطبيعية بشكل غير قانوني.

يمكننا أيضا بفضل الحكم، أن نتابع أي شركات أوروبية متورطة في استغلال الثروات الطبيعية للصحراء الغربية عبر الوسائل القانونية، ونرفع قضايا ضد أي شركة أو جهة تواصل انتهاك هذا الحكم.

لدينا تجارب سابقة ناجحة في هذا الإطار، وسنستمر في استخدامها كوسيلة لحماية حقوقنا الاقتصادية.

يمكننا أيضا أن نعزز التعاون مع حلفائنا في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا لدعم الموقف القانوني والسياسي الذي أقرّته المحكمة، وسنحث المجتمع الدولي على اتخاذ خطوات مماثلة لوقف التعاملات الاقتصادية غير الشرعية مع الاحتلال المغربي.

من جهة أخرى، أعتقد أن بإمكان الحكومة الصحراوية أن تواصل الضغط على الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإجبار المغرب على الامتثال للقانون الدولي، والتوقف عن استغلال مواردنا الطبيعية بطريقة غير مشروعة، خاصة أن هذا الحكم يدعم شرعية مطالبنا ويؤكد أن المغرب ليس له أي سيادة على الصحراء الغربية.

وأخيرا، ينبغي أن لا نمل من التأكيد بأن هذا الحكم التاريخي يعد انتصارا قانونيا ودبلوماسيا للشعب الصحراوي، ويعزز موقفنا في نضالنا المشروع من أجل تقرير المصير والاستقلال. ويجب أن نعمل بكل السبل القانونية والدبلوماسية والاعلامية الممكنة لضمان أن يكون لهذا الحكم أثر ملموس على الأرض، بما يخدم حقوق شعبنا ويضع حدا للنهب الممنهج لثرواتنا.

كيف يمكن لانتخاب ممثلة الجزائر، سلمى مليكة حدادي، في منصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، خلال القمة الأخيرة التي شاركتم فيها، أن ينعكس على دعم القضية الصحراوية داخل الاتحاد؟
انتخاب سعادة السفيرة سلمى حدادي، كان يوما تاريخيا للقارة الأفريقية برمتها، التي صوتت لصالح الجزائر، وابنتها البارة، لأحد أهم المناصب في الاتحاد الأفريقي. وبطبيعة الحال ينبغي لقرائكم الكرام أن يفهموا أن الفوز بهذا المنصب لم يكن بالأمر السهل حيث أن المنافسة كانت قوية مع مرشحتين تمثل الأولى منهما جمهورية مصر الشقيقة، وهي ما هي من قوة ونفوذ، والمملكة المغربية التي في نظرنا ترشحت فقط لعرقلة ترشح الجزائر، لأن المنطق كان ينبغي أن يفرض على المغرب ألا يترشح ضد الجزائر وهو الذي لم يلتحق بالاتحاد إلا سنة 2017. ولكن وكعادته في مناسبات عديدة يلعب المغرب للأسف الشديد ألاعيبه القذرة في كواليس الاتحاد، ويحاول بكل الوسائل غير المقبولة أن يعيق تقدم القارة، وللأسف الشديد يجد بعض الآذان الصاغية وغير المسؤولة.

بالنسبة للقضية الصحراوية، فهي واضحة للجميع، وحتى للذين يرفضون رؤية الحقيقة. القضية مسألة تصفية استعمار بامتياز، ووضع المغرب فيها واضح أيضا كدولة محتلة مغتصبة وتوسعية مارقة عن القانون، ولا غبار على الأمر. وبالنسبة للشطر الأخير من سؤالكم فإن أبسط فائدة لتولي الجزائر لهذا المنصب هو أن الجزائر قد أثبتت دائما وفي كل المحافل أنها مدافع شرس عن القانون الدولي، وعن الشرعية الدولية، وعن المبادئ المؤسسة للأمم المتحدة، والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي. وبالتالي أنا مقتنع تماما أن الجزائر، في شخص السفيرة نائب رئيس المفوضية، ستقف موقفا منسجما مع القانون التأسيسي للاتحاد، ومع اللوائح والقواعد المسيرة لهيئاته وستفرض على الجميع احترام هذه القواعد واللوائح وهي المتمرسة والخبيرة بكل حقائق وخبايا سير الأعمال في الاتحاد الذي عرفته لأكثر من عقد من الزمن. هذا هو كل ما نطلبه ونحتاجه في واقع الأمر.

نحن لا نطلب من أي كان أن ينحاز لنا أو لقضيتنا، كل ما نطلبه من الجميع هو أن يحترموا القانون الدولي، والقانون الأفريقي، وقرارات الأمم المتحدة، ومقررات الاتحاد، وأن يحترموا في النهاية حق كل الشعوب في تقرير المصير، والحرية والاستقلال. بكل بساطة.

اعتمدت القمة الإفريقية الأخيرة قرارا يصنف الاسترقاق والترحيل والاستعمار كجرائم ضد الإنسانية. هل سيمنح هذا القرار إطارا قانونيا جديدا لدعم ملف الصحراء الغربية في الاتحاد الإفريقي؟
أنتم تشيرون إلى المبادة التي وقفت وراءها مجموعة من الدول، واقترحتها طوغو على القمة. طبعا هذا موضوع جد هام، يمس بشكل أو آخر الصحراء الغربية في عدة جوانب، وقد دعمناه فعلا خلال النقاشات سواء على مستوى لجنة الممثلين الدائمين أو بعد ذلك. هناك أيضا اعتماد القمة لموضوع السنة، والمتمثل في “عام تحقيق العدالة للأفارقة وذوي الأصول الأفريقية من خلال التعويضات”، وهو أيضا موضوع يشير بشكل أو آخر لضحايا العبودية والاستعمار في أفريقيا، وفي دول أمريكا اللاتينية والكاريبي.

ولا يمكن التكهن بما سيتم تنظيمه من أنشطة في إطار هذه المواضيع، ولكن بالتأكيد أن القضية الصحراوية ستجد فرصا كثيرة خلال السنة لإثارة الوضع الاستعماري في الصحراء الغربية، وبالتأكيد أن المغرب سيزداد نزقا، وضيقا خلال هذه السنة لأن أصابع الاتهام جميعها موجهة له عبر هذه  المواضيع. (واص)

Share