النص الكامل لخطاب رئيس الجمهورية ، بمناسبة الذكرى الـ 49 لإعلان  الجمهورية الصحراوية 

الرئيس ابراهيم غالي
أربعاء 26/02/2025 - 22:31

الشهيد الحافظ، 26 فبراير 2025 (واص) -    وجه رئيس الجمهورية ، الأمين العام للجبهة السيد إبراهيم غالي خطابا للشعب الصحراوي بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ 49 لإعلان الجمهورية الصحراوية ، تطرق فيه إلى مختلف أوجه الكفاح الوطني .
 

وفيما يلي النص الكامل للكلمة :

كلمة الأخ إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين لإعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
27 فبراير 2025
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوات والإخوة، 

الذكرى التاسعة والأربعون لقيام الدولة الصحراوية تحيل إلى واقع ساطع غير قابل للنكران، يتجذر ويترسخ كل يوم، وهو أن ذلك الإعلان التاريخي، في 27 فبراير 1976، قد جسد فعلياً وميدانياً وإلى الأبد إرادة الصحراويات والصحراويين في التحرر والانعتاق والعيش بحرية وكرامة وسيادة على كامل ترابهم الوطني.

تسع وأربعون سنة هي كذلك رصيد زاخر من التضحية والعطاء، بالدم والعرق والدموع والمعاناة لشعب بطل أبي اختار، بوعي وقناعة وإيمان، سبيل الكفاح والنضال والمقاومة والاستبسال والصمود لانتزاع حقوقه المشروعة.

إنها تسعة وأربعون عاماً من عمر دولة فتية، شقت طريقها بعزم وثبات، في خضم واقع صعب مرير، وتحدّت المستحيل، وزاوجت بكل اقتدار بين مهمتي التحرير والبناء، رغم ظروف الحرب الشرسة الظالمة التي تشنها دولة الاحتلال المغربي.
الجمهورية الصحراوية اليوم، العضو المؤسس في منظمة الاتحاد الإفريقي، والتي تتمتع بعلاقات واسعة في كل قارات العالم، تبني تجربتها المتميزة، بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتسير شأنها العام بإدارة وطنية متمرسة، في شتى القطاعات والميادين، وتضمن الخدمات الأساسية والاحتياجات الضرورية، رغم واقع الحرب واللجوء والتشريد والشتات.

دعونا إذن لا نفوت المناسبة دون الوقوف وقفة ترحم وإجلال وتقدير أمام شهداء القضية الوطنية، الذين كان لهم فضل السبق على درب بناء هذا الصرح العتيد، وفي مقدمتهم القائد المؤسس، شهيد الحرية والكرامة، الولي مصطفى السيد، والرئيس الشهيد محمد عبد العزيز.

ودعونا بالمناسبة نتوجه بالتهنئة والتحية إلى جماهير شعبنا الصامدة في كل مواقع الفعل والنضال، وفي المقدمة مقاتلو جيش التحرير الشعبي الصحراوي الأشاوس، الذين يقودون قاطرة المعركة المصيرية في الميدان، بكل عزيمة وإصرار ووفاء. 
التهنئة إلى جماهير شعبنا في الأرض المحتلة وجنوب المغرب، الصامدة في وجه أبشع أساليب القمع والحصار والتضييق تحت نير الاحتلال المغربي الغاشم، ونجدد التضامن مع أبطال ملحمة اقديم إيزيك وكل الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية ومع عائلاتهم، مطالبين الأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية المعنية بالتحرك العاجل لإطلاق سراحهم. 
التهنئة إلى جماهيرنا البطلة في مخيمات العزة والكرامة التي قدمت وتقدم أرقى دروس الثبات والصمود في معركة البناء والتحرير، وإلى كل بنات وأبناء جالياتنا الوطنية التي لا تتوقف عن تسجيل حضورها الدائم في شتى ساحات النضال.
الأخوات ولإخوة، 
إن نسف اتفاق وقف إطلاق النار من قبل جيش الاحتلال المغربي في 13 نوفمبر 2020، واستئناف الكفاح المسلح الصحراوي، كرد مشروع على ذلك الانتهاك السافر، قد شكل نقطة تحول جديدة في مسار القضية الوطنية.

وقد تأكد اليوم، وبالملموس، أن إقدام المغرب على تلك الخطوة العدوانية، وما سبقها من مساعي لتشريع الاحتلال، من استيطان ونهب للثروات وتوريط لأطراف خارجية في أنشطة لا شرعية على الأراضي المحتلة، سياسية واقتصادية ورياضية وثقافية وغيرها، إنما كان بإيعاز ودعم وتشجيع من نفس القوى الاستعمارية التي تكالبت معه في اجتياح الصحراء الغربية منذ 31 أكتوبر 1975. 

فإصرار الشعب الصحراوي على التشبث بحقوقه وأرضه وحقه في الدفاع عن نفسه، وصموده الأسطوري على مدار أكثر من نصف قرن، دفع هذه القوى، راعية المغرب وحاميته، إلى الكشف عن وجهها الحقيقي، الاستعماري البشع، المتكالب والمتواطئ مع الأطروحة التوسعية المغربية.

وهكذا، لم تتورع فرنسا الاستعمارية عن الدوس، نهاراً جهاراً، على كل قيم ومثل الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان والشرعية الدولية التي طالما تبجحت بأنها المدافع الأول عنها.

إن حكم محكمة العدل الأوروبية النهائي في 04 أكتوبر 2024 واضح ودقيق، سواء فيما تعلق بلا قانونية وببطلان أي اتفاق أوروبي مع المملكة المغربية يمس أراضي الصحراء الغربية أو أجواءها أو مياهها الإقليمية، أو في تأكيده على أن الصحراء الغربية والمملكة المغربية بلدان منفصلان ومتمايزان، أو في التأكيد على سيادة الشعب الصحراوي على ثرواته الطبيعية أو في تثبيت أهلية جبهة البوليساريو، كممثل شرعي ووحيد لهذا الشعب، في الترافع عن مصالحه أمام الهيئات المختصة.

وأمام هذا الاعتداء الصارخ الذي تقوده فرنسا الاستعمارية، فإننا نجدد مطالبة مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وتطبيق خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991، لإنهاء الاحتلال العسكري المغربي اللاشرعي لبلادنا، واستكمال تصفية الاستعمار منها، بتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه، غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.

ونطالب الاتحاد الأوربي بالامتثال الكامل لقرارات محكمة العدل الأوروبية، ليس فقط من منظور اقتصادي تجاري بحت، ولكن من منطلق احترام القانون الأوروبي والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في الصحراء الغربية.

ولا بد هنا من تجديد إدانتنا الشديدة لقيام دولة الاحتلال المغربي بطرد أعضاء من البرلمان الأوروبي من مطار العيون، العاصمة الصحراوية المحتلة، كممارسة مغربية متكررة في طرد المراقبين الدوليين، كما كان الحال خلال هذا الشهر بطرد صحفيين من مدينتي العيون والداخلة المحتلتين. وفي وقت نعبر فيه عن الاستغراب إزاء الصمت المريب المسجل حتى الآن بهذا الخصوص على مستوى مؤسسات الاتحاد أمام هذا الاعتداء السافر على ممثلي الشعوب الأوروبية، فإننا نجدد المطالبة باتخاذ الخطوات والإجراءات المناسبة لوضع حد لمثل هذا الاستهتار المغربي بالهيئات الأوربية. 

وفي هذا السياق، نطالب كذلك بالتعجيل بالكشف عن الحقائق والملابسات المتعلقة بالفساد على مستوى البرلمان الأوربي، والتي كانت دولة الاحتلال المغربي طرفاً رئيسياً فيها، وخاصة حيال تأثيرها على قرارات ومواقف سابقة للاتحاد الأوروبي بشأن الصحراء الغربية.

الأخوات والإخوة،
لقد فتحت دولة الاحتلال المغربي الباب على مصراعيه أمام الأجندات الفرنسية والصهيونية لكي تتغلغل في شمال غرب إفريقيا، وتعيد إنتاج التاريخ الاستعماري المقيت، وفرض هيمنتها مجدداً على الشعوب الإفريقية ومقدَّراتها.
وإن الاتحاد الإفريقي مطالب بالتحرك العاجل إزاء هذا التوجه الجديد، الذي يرمي إلى الدوس على مكاسب إفريقيا وشعوبها، على نضالاتها وتضحياتها الجسام ومعاناتها والثمن الفادح الذي دفعته من أجل التحرر، وعلى وحدة وانسجام وتكامل بلدان القارة وشعوبها، تحت لواء الاتحاد الإفريقي.

فلا يمكن أن تكتمل حرية إفريقيا ما لم يتمتع الشعب الصحراوي بحقه في تقرير المصير والاستقلال. لا يمكن أن يتحقق السلام في منطقتنا ما لم يتم حل النزاع بين الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية، على أساس واضح من الاحترام المتبادل والالتزام بمبادئ وأهداف منظمتنا القارية، وخاصة مبدأ احترام الحدود الموروثة عند نيل الاستقلال.
الأخوات والإخوة، 
إن الجمهورية الصحراوية لتسجل بفخر واعتزاز المستوى المتقدم للعلاقات الوثيقة التي تربطها بالجزائر الشقيقة، بقيادة السيد الرئيس عبد المجيد تبون، بمواقفها الثابتة الراسخة الداعمة لحق شعبنا في الحرية والاستقلال، في انسجام مع مبادئ ثورة الأول من نوفمبر ومقتضيات الشرعية الدولية. وفي هذه الذكرى المتميزة، وإذ نجدد أصدق عبارات الشكر والتقدير والعرفان للجزائر الشقيقة، ننتهز المناسبة لنهنئ الجزائر ونهنئ أنفسنا ونهنئ إفريقيا، بشكل خاص، على ما حققته الجزائر من انتصار ساحق ومستحق على مستوى الاتحاد الإفريقي وهيئاته القيادية.

ونؤكد كذلك إرادتنا الصادقة في تعزيز وتطوير علاقات الأخوة والصداقة والجوار والمصير المشترك التي تربط بين الجمهورية الإسلامية الموريتانية والجمهورية الصحراوية.

وهذه مناسبة لنحذر مجدداً، وبإلحاح، من المخاطر الجمة التي تمثلها ممارسات دولة الاحتلال المغربي على المنطقة برمتها، والقائمة على التوسع والعدوان والضخ المكثف لمخدراتها ودعم وتشجيع عصابات الجريمة المنظمة العابرة للحدود والجماعات الإرهابية، وصولاً إلى تحالفاتها المشبوهة مع القوى الاستعمارية والصهيونية، وتمرير أجنداتها التخريبية.
الأخوات والإخوة، 

ستشهد الذكرى التاسعة والأربعين لقيام الدولة الصحراوية عديد الفعاليات والأنشطة، الثقافية والرياضية وغيرها.  
وبالمناسبة، نحيي تنظيم ندوة التوأمات بين البلديات والمدن عبر العالم مع نظيراتها الصحراوية، ونشيد مرة أخرى بتظاهرة صحراء ماراطون في طبعتها الخامسة والعشرين، رافعين تحية التقدير والعرفان إلى كل المشاركين، ومن خلالهم إلى كل الشعوب والبلدان التي يمثلونها، وهم يدونون بأحرف من ذهب رسالة التضامن والدعم والمؤازرة مع الشعب الصحراوي وقضيته العادلة.

كل الصحراويات وكل الصحراويين، أينما تواجدوا، عليهم التحلي بنفس روح التضحية والعطاء للمقاتل الصحراوي وهو يواجه بكل شجاعة وحزم وثبات جحافل القوات المغربية وترسانتها وحلفائها، وكله يقين بالنصر الحتمي الأكيد.
إنهم مدعوون إلى المواجهة الميدانية والصارمة لسياسات الاحتلال الذي لا يدخر جهداً لاستهداف جبهتنا الداخلية، وكله أمل واهم في القضاء على الشعب الصحراوي، ككيان ووطن وهوية وتاريخ وثقافة.

عليهم التحلي بروح الاستماتة والصمود المنقطع النظير الذي أبان عنه أسود ملحمة اقديم إيزيك وكل الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية في مواجهة وحشية وهمجية الجلادين الغزاة.

وإن رسالة هذه الذكرى، في سنة خمسينية إعلان الوحدة الوطنية، يجب أن تكون رسالة الوفاء لعهد الشهداء، رسالة التصميم والاستمرارية، رسالة العزم والإصرار، رسالة ترسيخ قيم الوحدة والتلاحم بين كل مكونات شعبنا، في كل مواقع الفعل والنضال، تحت قيادة ممثله الشرعي والوحيد، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، حتى انتزاع حقوقه في استكمال سيادة دولته، الجمهورية الصحراوية، على كامل ترابها الوطني.

عاشت الجمهورية الصحراوية، كحقيقة وطنية وجهوية ودولية لا رجعة فيها، وعامل توازن واستقرار في المنقطة.
رمضان كريم وصياماً مقبولاً والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
تصعيد القتال لطرد الاحتلال واستكمال السيادة.
(واص)


 

Share