نيروبي (كينيا)، 05 سبتمبر 2023 (واص) - ألقى رئيس الجمهورية، الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد إبراهيم غالي كلمة خلال اشغال القمة الأفريقية للمناخ المنعقدة بالعاصمة الكينية نيروبي، تطرق فيها إلى سياسة الدولة الصحراوية حول الاقتصاد الأخضر والمقاربة المنتهجة لمحاربة التغير المناخي.
وفيما يلي النص الكامل للكلمة:
فخامة السيد ويليام روتو، رئيس جمهورية كينيا ورئيس لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفريقية المعنية بتغير المناخ،
فخامة السيد غزالي عثماني، رئيس الاتحاد الأفريقي،
فخامة السيد موسى فكي، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي،
أصحاب الفخامة والمعالي رؤساء الدول والوفود المشاركة،
الحضور الكريم،
يطيب لي بداية أن أعرب عن جزيل الشكر و التقدير لجمهورية كينيا حكومة و شعبا برئاسة فخامة السيد ويليام روتو على الدعوة الكريمة التي تلقيناها وعلى ما حظينا به من حسن الاستقبال وكرم الضيافة و على ما وفرته لنا من ظروف لإنجاح هذا الاستحقاق: قمة المناخ الافريقية.
على غرار الكثير من بلدان العالم، تقف الجمهورية الصحراوية على خط المواجهة في أزمة تغير المناخ. وإذ نواجه تلك التحديات المرتبطة بالتغير المناخي، فإننا نخوض في الوقت نفسه نضالا باسلا في سبيل إنهاء الاستعمار من بلادنا، جراء وضع الاحتلال، الناجم عن النزاع بين الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية، وهي تحديات مرتبطة ومتداخلة. فهذا الوضع تسبب في نزوح أكثر من 200.000 مواطن صحراوي الى مناطق قاسية مناخياً، إذ تصل درجات الحراراة في مخيمات اللاجئين إلى مستويات قياسية.
وفي الأراضي المحتلة من الجمهورية الصحراوية، فإن ممارسات الاحتلال التي تتم خارج القانون الدولي، بلا حسيب ولا رقيب، تفاقم من تأثيرات التغير المناخي، من قبيل الاستيطان والتصنيع وتطوير آليات النهب في مجال الصيد البحري واستنزاف الموارد المائية والفلاحية لغرض التصدير.
كما يتسبب جدار الاحتلال العسكري، الذي يقسم بلادنا الى قسمين، في حرمان الأراضي المحررة من الجمهورية الصحراوية من المياه، وهو ما يشكل تدهورا بيئيا خطيراً، يزيد من آثار الجفاف الذي تعانيه المنطقة، ذلك أنه أدى إلى تغييرات عميقة في سطح الأرض التي أصبحت أكثر عرضة للتعرية الريحية وركود المياه. كما أن المناطق الملغومة المحاذية للجدار اصبحت مناطق غير صالحة للسكن وذات إنتاجية اقتصادية محدودة.
إن تلك التحديات الجمة تطلبت منا اتخاذ إجراءات عملية، تتلاءم مع الوضع القائم. وفي هذا السياق، طورت الجمهورية الصحراوية مساهمتها المحددة وطنيا NDC، والتي تحدد الاجراءات الملحة للتكيف مع التغير المناخي والتخفيف من حدته من خلال تعزيز التنمية القائمة على الطاقة المتجددة، بدلا من الطاقة الأحفورية. وقد تم تدعيم المساهمة NDC بخطة التكيف الوطنية NAP، من خلال المبادرات الوزارية المشتركة التي شملت عديد الوزارات.
وفي مخيمات اللاجئين الصحراويين، قامت الجمهورية الصحراوية بتطوير أنظمة زراعية تقتصد في استخدام المياه، كما قامت بتطوير أساليب حديثة ومنخفضة التكلفة لبناء المنازل، بهدف مواجهة الأخطار المتزايدة للفيضانات، إضافة إلى انتشار استخدام الطاقة الشمسية صغيرة الحجم.
وفي الأراضي المحررة، تمت تجربة مشاريع مد المناطق الريفية بالكهرباء، اعتمادا على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بما في ذلك مضخات المياه الشمسية، دعما للثروة الحيوانية والفلاحية. كما قامت بإنشاء أنظمة الطاقة الشمسية لدعم المرافق الطبية في المناطق النائية والمعزولة.
السيد الرئيس،
على الرغم من الطبيعة الصحراوية لبلادنا، إلا أن لنا الكثير لنقدمه للاقتصاد الأزرق في أفريقيا. فسواحلنا الأطلسية تعد موطنا لمصائد الأسماك الوفيرة، كما يضم الشريط الساحلي لأراضي الجمهورية الصحراوية الممتد على مسافة 1110كم مناطق رطبة مهمة، بما فيها أربعة مواقع معترف بها بموجب اتفاقية رامسار الدولية للحفاظ والاستخدام المستدام للمناطق الرطبة: وهي واد الساقية، بوجدور، خليج الداخلة وسبخة إمليلي.
ورغم أن كل هذه الموارد تتعرض لتأثيرات التغير المناخي، جراء الاستغلال المفرط البشع الذي تتعرض له تحت الاحتلال، إلا أن الجمهورية الصحراوية تسجل التزامها بخطط التسيير الحصيفة في هذا المجال، بما ينسجم مع المبادرة الإفريقية وأهدافها في الحفاظ على السواحل والأراضي الرطبة في قارتنا وفي العالم.
وإضافة إلى العمل على ضمان خطط إدارية للمواقع ذات الأهمية البيئية، بما يراعي متطلبات التغير المناخي، ستعمل الجمهورية الصحراوية على إقامة شراكات مع البلدان والمنظمات الأفريقية الأخرى لبناء قدراتنا الوطنية وتبادل الخبرات ذات الصلة بالاقتصاد الأزرق.
إن تأخر الأمم المتحدة في استكمال عملية تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في إفريقيا، لا يمكن أن يكون مبرراً لعدم انخراط الجمهورية الصحراوية الكامل في المجهود العالمي للتصدي لتغير المناخ وآثاره المدمرة. فمن غير المعقول أن تحرم بلادي من الحصول على التمويلات المرصودة لمواجهة أزمة تغير المناخ ولا من الدعم الفني عبر آليات تمويل المناخ التابعة للأمم المتحدة وغيرها.
لا يمكن حرمان الجمهورية الصحراوية من حقها وواجبها في المساهمة مع إفريقيا والعالم في هذه المعركة الوجودية، ناهيك عن تقاسم تجربة بلادنا الخاصة، المكتسبة خلال عقود من التعايش مع الظروف المناخية القاسية، مع الشعوب والأمم الأخرى.
من هنا تأتي ضرورة تمثيل الطرف الصحراوي في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وفي مؤتمر الأطراف الموقعة عليها COPs، وتوقيع الطرف الصحراوي على اتفاقية باريس للمشاركة في المفاوضات وتقديم مساهمتنا المحددة وطنياً بشكل دوري إلى مكتب أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. فالصوت الصحراوي سيكون صوتًا إفريقيًا مضافا ومعززا للموقف الأفريقي.
ترتبط التنمية المستدامة وإدارة الاقتصاد الأزرق في أفريقيا ارتباطا وثيقا بكيفية استجابتنا لتحدي تغير المناخ. والجمهورية الصحراوية على أتم الاستعداد للمساهمة مع أشقائها الأفارقة ومع دول العالم لتحقيق أفضل النتائج.
كل التوفيق والنجاح لأشغال القمة،
شكراً والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. (واص)
090/105/500.