بروكسيل (بلجيكا) 10 ديسمبر 2025 (واص)- شدّد مستشار رئيس الجمهورية المكلف بملف الثروات الطبيعية والشؤون القانونية، السفير أبي بشرايا البشير، على أن الاتفاق التجاري الجديد المبرم بين الاتحاد الأوروبي والمغرب بخصوص نهب ثروات الصحراء الغربية يشكل "انتهاكاً صارخاً لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير” و"تجاوزاً خطيراً لحكم محكمة العدل الأوروبية الصادر في أكتوبر 2024".
جاءت تصريحات الدبلوماسي الصحراوي خلال ندوة سياسية احتضنها البرلمان الأوروبي يوم أمس الأربعاء تحت عنوان: “التبعات السياسية للاتفاق التجاري الأوروبي-المغربي على مستقبل التسوية السلمية الأممية في الصحراء الغربية”. ونُظمت الندوة على هامش المظاهرة الحاشدة التي نظمتها الجالية الصحراوية في أوروبا أمام مبنى البرلمان للتنديد بما وصفته بـ“نهب الثروات الطبيعية” للمنطقة.
وأكّد السفير أبي بشرايا أن المفوضية الأوروبية دأبت على تبرير هذه الاتفاقيات بأنها "اقتصادية محضة" وتهدف إلى "تنمية إقليم الصحراء الغربية"، غير أنها "حجج مغلوطة تخفي طبيعة سياسية واضحة"، مضيفاً أن الاتفاقيات "توفر للمغرب موارد مالية تُستخدم في تكريس الاحتلال العسكري غير القانوني، وفرض الأمر الواقع على حساب الحقوق الأساسية للشعب الصحراوي".
وأشار الدبلوماسي الصحراوي إلى أن أي حديث عن طابع اقتصادي بحت "يتجاهل الأثر المباشر لهذه الاتفاقيات على عناصر تقرير المصير، خصوصاً السيادة المستدامة على الموارد الطبيعية، ووحدة الإقليم التي تحاول الاتفاقيات دمجها قسرياً ضمن التراب المغربي".
وذكّر السفير الصحراوي بجذور هذه السياسات، قائلاً إن "الاتفاقيات الحالية ترتبط بشكل وثيق باتفاقيات مدريد الثلاثية غير الشرعية لعام 1975"، مضيفاً أن هذه الاتفاقيات أفضت إلى "صفقات سرية طويلة الأمد سمحت لإسبانيا بمواصلة استغلال الثروات الصحراوية بالتنسيق مع المغرب".
وأوضح أن انضمام إسبانيا إلى المجموعة الأوروبية سنة 1986 أدى إلى "إدماج البعد الاقتصادي لاتفاقيات مدريد في برامج الشراكة الأوروبية"، ما جعل "العلاقة بين تلك المؤامرة القديمة وما يجري اليوم علاقة مباشرة ووثيقة".
وأضاف أبي بشرايا أن الاتفاق الجديد "يتعارض بشكل جوهري مع الوضع القانوني للصحراء الغربية كإقليم غير مستقل ذاتياً"، مؤكداً أن محكمة العدل الأوروبية شددت في أحكامها على أن "المغرب والصحراء الغربية إقليمان متمايزان ومنفصلان".
وقال إن إدراج الإقليم في الاتفاقيات الأوروبية-المغربية "يمسّ بشكل مباشر بحق الشعب الصحراوي في تحديد الوضع النهائي للإقليم، ويمنح المغرب سنداً للترويج لسياسة فرض الأمر الواقع".
واعتبر السفير أن المفوضية الأوروبية ما تزال "أسيرة لظلال تصريح ملك المغرب الراحل الحسن الثاني مطلع التسعينيات، حين قال: إذا لم نتمكن من تصدير الطماطم إلى أوروبا، فسنصدر الإرهابيين".
وصرّح بأن "ذلك الشبح لا يزال حاضراً في بروكسيل والعواصم الأوروبية، ويفسر استعداد بعض المؤسسات الأوروبية لتجاهل أحكام المحكمة الأوروبية خوفاً من ردود الفعل المغربية".
وشدد على أن الاتفاقيات "لا توفر أي منفعة تذكر للغالبية العظمى من الصحراويين الواقعين تحت الاحتلال"، مشيراً إلى أنهم "يواجهون سياسات تمييز وتهميش ممنهجة"، في مقابل "استفادة المغرب اقتصادياً من موارد ليست ملكه، واستخدامها لتمويل وجوده العسكري غير القانوني في الإقليم".
وأضاف أن "التقارير الترويجية التي تبثها بعض القنوات الأوروبية، خاصة الفرنسية، لا تعكس بأي شكل الواقع الحقيقي لمعاناة الشعب الصحراوي ولا غياب أي عائد اقتصادي على سكان الإقليم".
وتوقف ابي بشرايا عند المرحلة القادمة، قائلاً إن "الأشهر القليلة المقبلة ستكون حاسمة"، بعد دخول الاتفاق مرحلة المصادقة وعرضه على البرلمان الأوروبي.
وأشار إلى التصويت الذي جرى بتاريخ 26 نوفمبر 2025 حول "وسم المنتجات القادمة من الصحراء الغربية"، والذي خسره المعارضون "بفارق صوت واحد فقط على المستوى التقني"، لكنه "كان انتصاراً سياسياً كبيراً بأغلبية برلمانية مطلقة وقفت ضد الاتفاق".
وأكد أن هذه النتيجة "تشجع على مواصلة المعركة بثقة أكبر"، مشدداً على أن "إسقاط الاتفاق أصبح هدفاً قابلاً للتحقيق بفضل الأغلبية المتنامية داخل البرلمان".
واختتم السفير مداخلته بالتأكيد على أن رهان حماية الثروات الطبيعية الصحراوية داخل أوروبا "دخل مرحلة مفصلية"، وأن الشعب الصحراوي وحلفاءه في المؤسسات الأوروبية "لا يملكون خياراً سوى الفوز بهذه المعركة المصيرية".
وشارك في الندوة إلى جانب السفير الصحراوي كل من بيير غالون، رئيس التنسيقية الأوروبية للتضامن مع الشعب الصحراوي، وأنا ميرندا عن مجموعة الخضر، وآندريآس شيدا، رئيس مجموعة الصداقة مع الشعب الصحراوي في البرلمان الأوروبي. (واص)