
برلين (ألمانيا)، 16 أكتوبر 2025 (واص)- بمناسبة الذكرى الخمسين للغزو العسكري المغربي للصحراء الغربية، و الأحداث المشؤومة التي تلته، أعلنت المصوّرة ماريا كلينر والناشطة أليدا كوس عن حركة التضامن مع كفاح الشعب الصحراوي بألمانيا عن إصدار عدد جديد من مجلة "Widerworte" ــــ نقطة نظام، حيث يضم العدد الجديد من المجلة قرابة ثلاثين مساهمة نصية، أغلبها لكاتبات وكتاب صحراويين من الأراضي المحتلة ومخيمات العزة والكرامة وكذا من الجالية الصحراوية المقيمة في الخارج. كما تضم مقالات لصحفيين وأكاديميين ونشطاء ألمان.
ويبدأ العدد الخاص من المجلة بتقرير مؤثر بعنوان «بين الدم والرمل والصمت»، يوثق البدايات الدموية للاحتلال المغربي. تروي فيه السيدة خدجتوا أعلي كيف اضطرت في العام 1975 الى هجر موطنها وهي في الرابعة عشرة من عمرها هربًا من قصف النابالم والفوسفور الأبيض، المحرمين دوليا، لتعيش مجددا في المنفى منذ العام 2021 بعد أن فقدت شقيقها في هجوم بطائرة عسكرية مغربية ضمن حرب المسيرات القذرة التي يخوضها الاحتلال ضد الشعب الصحراوي دون مراعاة للقانون الدولي الإنساني.
وتتناول تلك المقالات والنصوص خلفيات الغزو المغربي للإقليم من زوايا مختلفة: من أزمة الشرعية للنظام الملكي المغربي بعد محاولتي الانقلاب عامي 1971 و1972، إلى استغلال الحسن الثاني لانشغال العالم باحتضار الجنرال الإسباني فرانثيسكو فرانكو في أكتوبر 1975، ليعتلي صدارة المشهد القومي التوسعي بحلمه القديم في «مملكة المغرب الكبير».
وعلى طول الفصول الأربعة للمجلة، تتكشف سردية جماعية تبدأ في أماكن وأزمنة مختلفة، لكنها مترابطة في فكرتها. تبدأ بـ تقفي الأثر وتذكّر التاريخ، والنبش في الجذور الثقافية، مع صور لتأملات في المنفى. ثم تسلط الضوء على "هياكل الاحتلال" القائمة في الأرض المحتلة وبخاصة عمليات النهب والاستغلال الممنهج للموارد الطبيعية. وكيف يحاول المغرب «تجميل» احتلاله غير القانوني عبر مشاريع الطاقة الخضراء لتبدو كأنها رموز للتنمية والاستقرار، فيما هي في الواقع أدوات جديدة للنهب والاستيطان.
مثلما تعرض المجلة استراتيجيات المقاومة والصمود للشعب الصحراوي، في الفضاءات الخاصة، في أزقة وشوارع المدن المحتلة، وعلى جبهات المواجهة الامامية. كما تبرز المجلة أهمية التدوين والكتابة والتوثيق كممارسة والتزام لحفظ الذاكرة والتطلع إلى المستقبل.
وفي افتتاحية المجلة، تورد هيئة التحرير في تقديمها للطبعة الخاصة من المجلة: "ان الاحتلال المغربي للصحراء الغربية ليس حدثًا معزولا، بل هو امتداد لنظام قائم منذ أكثر من خمسين عامًا. نظام مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمصالح الاقتصادية، والتواطؤ الدولي، والظلم والقهر العالمي. لذا توجه مجلة"Widerworte" سهام نقدها لهذا النظام الجائر، في رفض منها لمنطق الراحة السياسية، والسردية المفروضة من الخارج، والرغبة في القفز على حقائق التاريخ. إنها تتعلق بالحق في التعبير، وبالحق في أن يُستمع إليها، ومن يمتلك هذا الحق ومن يُحرم منه".
ويتابع فريق التحرير: "إن تحاهل واقع الصحراء الغربية والنضال الصحراوي من أجل الاستقلال في وسائل الإعلام الناطقة بالألمانية يتيح مساحة ضئيلة جدًا للأصوات الصحراوية ولا يُنظر إليها إلا كإشارات جانبية، ولا يتعامل معها كأصوات متأثرة بالأحداث، ولا يُسمح لها بالكتابة كمؤلفين. هذا التجاهل ليس صدفة؛ إنه جزء من نظام يتعمد تجاهل النقد الموجه للعلاقات النيوكولونيالية والجيوسياسية….لذلك ووسط هذا الفراغ النقدي تظهر مجلة "Widerworte" ليس بصفتها منتجًا مثاليًا ولا نظرة شاملة، بل كمساحة ضرورية ومحاولة جماعية لإظهار السردية المضادة".
وفي الأخير يؤكد فريق التحرير أن مجلة "Widerworte" لا تعتبر منصة عرض، بل أرضية مشتركة ودعوة للتفكير وسط ساحات الفعل النضالي المشترك. فهيئة التحرير لا تعتبر نفسها بديلا لأهل القضية، بل فريق أتيحت له فرصة الوصول إلى موارد ومنصات معينة، و بمسؤولية منه أتاح تلك الموارد لأهل القضية… "حيث كان هدفنا خلق مساحة يمكن فيها للأصوات الصحراوية أن تتحدث وأن يُستمع إليها بكلماتها الخاصة، بغضبها، ووضوحها، وحنانها، وتعقيدها. هذا أمر نادر الحدوث، خصوصًا في السياق الإعلامي الناطق باللغة الألمانية، لذلك تسعى مجلة "Widerworte" للمساهمة في تغيير ذلك الواقع من خلال العمل المشترك…هذه المجلة ليست نهاية، بل بداية ودعوة للتفكير المستمر وطرح الأسئلة والتمسك بالصمود والمقاومة ".(واص)