
الرباط (المغرب )، 03 أكتوبر 2025 (واص)- أدانت أكثر من 15 منظمة حقوقية دولية القمع الذي مارسته قوات المخزن ضد متظاهرين سلميين, ما أودى بحياة شخصين وأوقع مئات الجرحى, في وقت أعلنت فيه السلطات عزمها إنزال عقوبات ثقيلة بالسجن ضد المعتقلين تصل حد السجن المؤبد, لتكشف بوضوح أن الدولة ماضية في سياسة الترهيب بدل الاستماع لمطالب الشارع.
ودفع هذا التطور الخطير المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب و14 منظمة دولية أخرى, امس الخميس, إلى التعبير عن إدانتها لما وصفته بالجريمة السياسية المكتملة الأركان للمخزن و القمع المتصاعد الذي تمارسه السلطات المغربية ضد الاحتجاجات السلمية التي شهدتها مدن عدة منذ السبت الماضي.
وأكد البيان المشترك للمنظمات أن ما جرى لم يكن مجرد تجاوزات محدودة, بل سياسة ممنهجة منعت المواطنين من ممارسة حقوقهم الدستورية في حرية التعبير والتجمع السلمي, حيث استخدمت قوات الأمن القوة المفرطة وغير المتناسبة لتفريق المظاهرات, التي دعا إليها الشباب عبر المنصات الرقمية.
واعتبر البيان أن ما جرى يمثل خرقا واضحا لالتزامات المغرب الدستورية والدولية, وطالب السلطات بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين ووقف سياسة القمع التي تهدد حق المواطنين في المشاركة المدنية, مشيرا إلى أن الحملة الأمنية ضد المتظاهرين السلميين الذين خرجوا للمطالبة بالحق في التعليم و الصحة و اسقاط التطبيع مع الكيان الصهيوني, اتسمت منذ البداية بالقمع المفرط والتنكيل الممنهج و الاعتقالات العشوائية.
جذور هذه الاحتجاجات -يضيف البيان- تعود إلى أزمات اجتماعية متراكمة كان آخرها وفاة ثماني نساء حوامل في مستشفى عمومي بمدينة أكادير, وهو الحادث الذي أثار غضبا شعبيا واسعا واعتبر رمزا للانهيار الكارثي لقطاع الصحة العمومية, مشيرا إلى أن هذا الغضب تعزز مع تردي أوضاع التعليم العمومي وارتفاع معدلات البطالة, ما دفع المتظاهرين إلى رفع شعارات قوية من قبيل "مستشفيات قبل الملاعب", في إشارة إلى أولويات الإنفاق العمومي التي تميل إلى التحضير لتنظيم كأس العالم 2030 بدل الاستثمار في الخدمات الأساسية.
وأوضحت المنظمات أن اختيار هذه الشعارات يعكس وعيا شعبيا متزايدا بضرورة إعادة ترتيب أولويات الدولة بما يخدم العدالة الاجتماعية ويحمي الكرامة الإنسانية, مشددة على أن السلطات المغربية انتهكت بشكل صارخ الحقوق المكفولة دستوريا, حيث جرى اعتقال مواطن لأنه منح مقابلة لوسيلة إعلامية, وهو ما وصفته بـ"سابقة خطيرة تهدد حق كل مواطن في التعبير عن رأيه".
وأكدت أن هذه الانتهاكات لا تقتصر على القوانين الوطنية فحسب, بل تمتد إلى التزامات المغرب الدولية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, ولا سيما المادة 21 منه, التي تؤكد على أن حق التجمع السلمي لا يمكن تقييده إلا بشروط ضرورية ومتناسبة, وهي شروط لم تحترم في الحالة المغربية.
وأوضح بيان المنظمات أن "القمع والاعتقالات التعسفية تمثل إخلالا جوهريا بهذه الالتزامات وتكشف عن نهج يضعف الثقة بين المواطنين والدولة بدل أن يعززها", لافتا إلى أن الإعلام الرسمي المغربي مارس تعتيما شبه كامل على الاحتجاجات, في وقت ركزت فيه قنواته على أحداث أخرى, وهو ما وصفته المنظمات بـ"سياسة التهميش الإعلامي التي تعمق أزمة الثقة وتفتح الباب أمام الإفلات من العقاب".
وفي ختام بيانها, طالبت المنظمات الحقوقية السلطات المغربية بخمس خطوات أساسية وعاجلة, تشمل الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين على خلفية الاحتجاجات وفتح تحقيق مستقل وشفاف في مزاعم التعذيب والاستخدام المفرط للقوة, وضمان احترام الحقوق الأساسية في حرية التعبير والتجمع ووقف جميع أشكال الترهيب ضد النشطاء والصحفيين, وأخيرا الاعتراف بالمطالب الاجتماعية والاقتصادية التي يرفعها المحتجون وفتح حوار وطني شامل لمعالجة أزمات الصحة والتعليم والبطالة.
ومن بين المنظمات الموقعة على البيان, سكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان (SIHR), جمعية إنترسيكشن للحقوق والحريات, هيوما لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية, لجنة العدالة, تحالف "فوكا" للعمل المدني و المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب و الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.(واص)