تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

وزير الخارجية يجري حوارا مطولا مع جريدة الخبر الجزائرية

نشر في

الجزائر 26 فبراير 2023 (واص)  - أجرى وزير الشؤون الخارجية عضو الأمانة الوطنية السيد محمد سيداتي، حوارا مطولا مع جريدة الخبر الجزائرية، تطرق فيه إلى القضية الصحراوية من مختلف الجوانب .
وهو أول مقابلة للسيد الوزير منذ توليه المنصب، حيث تطرق إلى مشاركته في قمة الاتحاد الإفريقي الـ33 التي عقدت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا مؤخرا، وعن تقييمه للمشاركة الصحراوية وما تم إنجازه، كما توقف الوزير الصحراوي عند العديد من المسائل والمستجدات ذات الصلة بالقضية الصحراوية، على غرار فضيحة "المغرب غيت" وتبعاتها وانعكاساتها على المغرب وصورته على الصعيدين الأوروبي والدولي.
تحدث الوزير محمد سيداتي أيضا عن موقف الاتحاد الأوروبي من قضية المساعدات المقدمة للاجئين الصحراويين ومحاولات المغرب الضغط على المانحين، إلى جانب ما تم تحقيقه خلال سنتين من الحرب وكذا دور ومسؤوليات الأمم المتحدة في حل النزاع في الصحراء الغربية بتمكين الشعب الصحراوي من التعبير عن حقه في تقرير مصيره والعديد من المسائل الأخرى المتصلة بالقضية الصحراوية ونضالات الشعب الصحراوي.
تقلدتم حقيبة وزارة الخارجية في ظل تطورات كبيرة تعرفها القضية الصحراوية وفي عز الحرب مع المغرب وفي وقت يعرف العالم تغييرات عميقة لميزان القوى. ما هي أولوياتكم في هذه المرحلة وما هي المسائل التي توضع على رأس اهتمام الحكومة الصحراوية خارجيا؟
تعلمون جيدا أن هذه الحرب الظالمة فرضت على شعبنا منذ 1975 كما فرضت علينا في نوفمبر 2020، وكنا دوما في حالة دفاع عن الوطن وعن النفس وعن حق وعرض شعبنا في الصحراء الغربية، وعليه فإن وضعية الحرب التي أعادتنا وأعادت النزاع في الحقيقة إلى صراع ومواجهة مباشرة وشاملة مع الاحتلال المغربي، تتطلب منا عملا دبلوماسيا قد يختلف عن المراحل السابقة، وينبغي إدارته وتنسيقه على جبهات متعددة كما قرر المؤتمر السادس عشر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) الذي أوضح أولويات هذا العمل الدبلوماسي في برنامج العمل الوطني المعتمد.
وبالنسبة لنا هناك جبهات مواجهة مباشرة مستعجلة وحية مثل الجبهة الإفريقية، حيث ستتجسد في جهود معتبرة لتقوية علاقاتنا مع الجيران في شمال إفريقيا التي هي مجالنا الجغرافي والجيواستراتيجي المباشر والأهم، كما سينصب عملنا على تعزيز وتطوير نوعية حضور الجمهورية الصحراوية في الاتحاد الإفريقي للتصدي لمناورات الاحتلال المغربي الرامية إلى تحييد دور الاتحاد وتقويضه من داخل أجهزة صنع السياسة التابعة للمنظمة، وهو الأمر الذي نقف له بالمرصاد ولن نسمح به بتاتا. وسنعمل أيضا على تعميق وتقوية علاقاتنا الثنائية مع جميع الأصدقاء والحلفاء الأفارقة لحثهم على تحمل مسؤولياتهم التاريخية والأخلاقية بل وحتى القانونية لإفشال محاولات الاحتلال اليومية الرامية إلى المس من مكتسبات الدولة الصحراوية، وأخطر من ذلك الهادفة إلى تشتيت الجهد الإفريقي وتقسيم الصف القاري وإضعاف وتقزيم دور الاتحاد إفريقيا ودوليا، خدمة لأجندات استعمارية غريبة عن القارة وعن مبادئ منظمتنا العتيدة.
كما تعلمون، بدا واضحا منذ 2017 أن الهدف الأول من انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي هو إضعاف الموقف الإفريقي المؤيد للشعب الصحراوي ومحاولة المس بعضوية الجمهورية الصحراوية. وقد باءت كل محاولات الرباط بالفشل بفضل اليقظة الدبلوماسية الصحراوية ومتانة ووحدة موقف الحلفاء والأصدقاء. وبصفتنا عضوا مؤسسا للاتحاد، نحن مؤمنون بأهمية احترام قانونه التأسيسي وسنعمل رفقة حلفائنا من الغيورين على سمعة ومصداقية المنظمة على فرض احترام جميع الدول الإفريقية لالتزاماتها الإفريقية والدولية المتعلقة باحترام حق الشعوب في تقرير المصير والاستقلال والحرية، وفق ما تنص عليه مقتضيات القانون الدولي وما أكدت عليه كل المحاكم الدولية بدءا من محكمة العدل الدولية سنة 1975، مرورا بأحكام محكمة العدل الأوروبية سنوات 2015 إلى 2021 وصولا إلى المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب التي كانت واضحة في رفضها وتجريمها لكل فعل قد تقوم به أي دولة إفريقية من شأنه تقويض سيادة الجمهورية الصحراوية أو تهديد حق شعبها في تقرير المصير والاستقلال.
أما على مستوى أوروبا، فسنعمل على تقوية شبكة العلاقات التي تربطنا بالشعوب الأوروبية ونواصل العمل تجاه مؤسسات الاتحاد الأوروبي من أجل دعم الشرعية الدولية في قضية الصحراء الغربية، كما سنواصل العمل كي تلتزم المفوضية الأوروبية بالجهر بدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وكي تضع حدا لسياسة الكيل بمكيالين. فعلى أوروبا أن تفهم أن التغاضي عن جرائم الاحتلال المغربي في الصحراء الغربية لم ولن يجلب لا السلام ولا التنمية ولا الاستقرار الذي تحتاجه القارة العجوز قبل غيرها، بل إن فعل المغرب زاد الأوضاع توترا بمنطقة شمال غرب إفريقيا التي تؤثر بالضرورة إن عاجلا أو آجلا على أمن وسلامة واستقرار القارة الأوروبية نفسها وعلى المحيط الأورو متوسطي. ونحن نرى أن البوابة الأكبر لتحقيق هذا السلام والاستقرار لكل المنطقة وللقارة الشمالية هو بالذات دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، فقد آن الأوان لأن تغير أوروبا من نهجها وتنتصر للشرعية الدولية وتحترم المبادئ التي ترفعها عالميا من قبيل قيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان التي يعتبر أولها حق الشعوب في تقرير المصير، والأهم من ذلك أنه آن الأوان للمؤسسات الأوروبية أن تتخلص من الابتزاز والضغوطات المغربية وتخلص المنطقة من ظاهرة الفساد الذي سنه المغرب منهاجا في علاقاته الدولية وبات ينخر في الجسد الإفريقي والأوروبي وحتى الأممي. من جهة أخرى سنعمل على تعزيز حق الشعب الصحراوي في حماية ثرواته الطبيعية من خلال المرافعة بكل الطرق لفرض احترام قرارات محكمة العدل الأوروبية التي أكدت أن المغرب والصحراء الغربية إقليمان منفصلان ومتمايزان بموجب القانون الدولي، ومن يمضي في خرق حقوقنا عليه أن يستعد للمواجهات القانونية في عقر داره.
هناك أيضا جبهة حقوق الإنسان والأرض المحتلة. فكما تعلمون تكتسي هذه الجبهة بعدا خاصا وقد أولاها مؤتمر الجبهة الأخير أهمية قصوى، وبالتالي سنعمل بالتعاون مع الإخوة في وزارة الأرض المحتلة وفي اللجنة الصحراوية لحقوق الإنسان على فضح ممارسات الاحتلال ضد شعبنا بالمناطق المحتلة.
جبهة الصراع في أروقة الأمم المتحدة هي أيضا أولوية سنعمل على تحقيق المزيد من التواصل داخلها مع مختلف الفاعلين في الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن تحديدا، عن طريق تمثيليتنا بالأمم المتحدة، لمحاولة إقناع أعضاء مجلس الأمن بضرورة التحرك لاحتواء حالة الحرب الدائرة بيننا والمملكة المغربية. وستواصل جبهة البوليساريو لقاءاتها مع دي ميستورا من أجل تسهيل تنفيذ مأموريته لتوفير الشروط المناسبة لتطبيق الشرعية الدولية بالصحراء الغربية، هذا بالإضافة طبعا إلى جبهات أمريكا اللاتينية وآسيا ودول الكراييب، التي علينا تغطيتها بنفس الروح القتالية التي تجسد قرارات شعبنا وإرادته في تصعيد الكفاح بكل السبل المشروعة من أجل فرض الاستقلال واستكمال السيادة الوطنية على كامل ربوع الوطن.
كان حضوركم فعاليات القمة الإفريقية أول مهمة لكم بعد تعيينكم على رأس السلك الدبلوماسي الصحراوي، كيف تقيمون حضور القضية الصحراوية في المحفل الإفريقي وتعاطي الدول الإفريقية؟
صحيح أن حضور أشغال المجلس التنفيذي وقمة الاتحاد الإفريقي كان أول مهمة لي شخصيا منذ تعييني وزيرا للخارجية، وتقييمنا إيجابي لمستوى حضور القضية الصحراوية في أشغال هذه القمة. باختصار فقد كانت الفرصة سانحة لي لإجراء لقاءات مع عدد كبير من وزراء الخارجية ورؤساء الدول لوضعهم في الصورة فيما له علاقة بمستجدات وتطورات القضية الوطنية، كما عملنا على التصدي بحزم ونجاح ولله الحمد للعديد من المناورات المغربية التي ترمي جميعها شق الصف الإفريقي بخصوص القضية الصحراوية لكننا كنا بالمرصاد، وبالنسبة للمحتل فقد عاد بخيبة أمل جديدة خاصة في محاولاته تمرير رؤاه أثناء المداولات والمصادقة على التقارير المقدمة، وهذا يضاف إلى هزائم سابقة كثيرة ومتواصلة كبدته إياها الدبلوماسية الصحراوية.
ترشحت الجمهورية الصحراوية لشغل منصب نائب رئيس الاتحاد الإفريقي إلى جانب المغرب، ما هي حظوظ نيلكم المنصب؟
الترشح حق لكل دولة عضو غير أن ترشح المغرب، وهو دولة احتلال تنتهك كل مبادئ منظمتنا، وصمة عار لا يمكن قبولها، والغاية منه الالتفاف على حقوق الشعب الصحراوي وبالتالي ليست غايته خدمة المنظمة ولا الشعوب الإفريقية بقدر ما هو خدمة أجندة الاستعمار والاستعمار الجديد. لذلك قررت الجمهورية الصحراوية الترشح لشغل المنصب نيابة عن إقليم الشمال، خدمة لإفريقيا وللمبادئ المؤسسة للاتحاد ومنافسة المغرب لتحطيم مآربه وأحلامه الاستعمارية. وعليه فإن المشاورات بخصوص ترشح البلدين متواصلة ونعتقد أن خطة المغرب هي العرقلة والاستمرار في نهج إستراتيجية التوتر الهدامة. على كل حال، وجهنا رسالة واضحة لمن يهمه الأمر بأن كل الوعد والوعيد الذي كان يوجهه المغرب بأنه سيطرد الجمهورية من الاتحاد هو مجرد تهديدات فارغة، والدليل أن الجمهورية الصحراوية حقيقية ميدانية، دولية وقارية قائمة ولا رجعة فيها، وعلى الجميع أن يتعايش مع ذلك وعلى رأسهم المغرب.
هل الترشح للمنصب كان أيضا رسالة إلى المغرب على مناورة "إعلان طنجة"؟
ترشح الجمهورية الصحراوية لمنصب النائب الأول ينطلق من مبادئ واضحة وهي أولا أن دولة الاحتلال لا يمكن أن تمنح شرف التواجد في مكتب قمة رؤساء الاتحاد الإفريقي، وثانيا أن التجربة أثبتت أن المغرب يستغل هذه المنابر ومن بينها عضوية مكتب القمة للدعاية لأجندة احتلاله للصحراء الغربية، وثالثا أن هذا أمر غير أخلاقي ولا يتماشى مع القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، بل إنه أشبه بتخيل منح نظام الأبارتيد السابق في جنوب إفريقيا شرف عضوية مكتب منظمة الوحدة الإفريقية في الثمانينات مثلا.
هذه هي بعض الرسائل التي وجهناها عبر ترشحنا، أما موضوع إعلان طنجة فهو مجرد مبادرة أخرى أراد المغرب تمريرها، وهناك عشرات المبادرات الأخرى التي تطلقها الدول حول مواضيع مختلفة، وبالتالي نحن لا نرى لماذا على الاتحاد تبني المبادرة المغربية وحدها وقد أقنعنا الجميع بضرورة إعادة النظر فيها. أما إن كنت تقصد مسرحية طنجة التي نظمها المغرب لاحقا باستغلال مجموعة من الوزراء السابقين فتلك قصة أخرى ولا تستحق التعليق عليها، لكنها تعكس ما سبق وقلته من مساعي التضليل المغربية التي لا تنتهي.
كيف تتابعون قضية "ماروك غيت"؟
نتابع هذه القضية المخزية عن قرب، ونعتقد أنه آن الأوان لأن تقوم مؤسسات الاتحاد الأوروبي بإجراء مراجعة شاملة، موضوعية وعميقة لمواقفها تجاه نزاع الصحراء الغربية التي اعتمدت طيلة العقدين الماضيين من عمر البرلمان. إن حجم الفساد الذي تم الكشف عنه حتى الآن في هذه المؤسسة ليس إلا رأس جبل الجليد وما خفي أعظم. الجميع يعلم حجم أعمال الرشوة والفساد التي يقوم بها نظام الاحتلال المغربي ليس فقط بالمؤسسات الأوروبية، بل والأممية والإفريقية وحتى الوطنية في عدة دول، من أجل منع إصدار قرارات لصالح حق الشعب الصحراوي.
وحتى الآن تم استجواب أعضاء من البرلمان، وهناك نواب من البرلمان الأوروبي رهن الاعتقال ومازالت التحقيقات جارية. لقد قرر البرلمان منع ممثلي المغرب من دخول البرلمان الأوروبي وهذه خطوة إيجابية نتمنى أن تتبعها خطوات عملية أخرى تضع حدا للتلاعب المغربي بسمعة الاتحاد الأوروبي ومؤسساته.
أظهرت التحقيقات بالفعل، كما تفضلتم، أن المغرب كان يدفع رشاوى لتوجيه مواقف البرلمان الأوروبي بخصوص القضية الصحراوية، هل تنوون التحرك لدفع البرلمان الأوروبي إلى إعادة النظر في كل التوصيات والقوانين التي أقرها ذات الصلة بالقضية الصحراوية؟
صحيح لقد كان المغرب يدفع رشاوى لتوجيه مواقف البرلمان الأوروبي بخصوص الصحراء الغربية. وهذه الممارسة لا يستعملها فقط في أوروبا، بل أيضا في إفريقيا وأمريكا اللاتينية كما أكدت تسريبات وأدلة سابقة. شراء الذمم والفساد وتبييض الأموال واستعمال أوراق المخدرات والإرهاب والهجرة للضغط علامة مميزة لنظام الاحتلال المغربي وليس هذا سرا، وسنعمل مع الأصدقاء في أوروبا لوضع خطة عمل تتضمن التحرك على مختلف الصعد بما فيها دراسة إمكانية إعادة النظر في القرارات والاتفاقيات ذات الصلة بقضية الصحراء الغربية التي ستثبت التحقيقات أنها اعتمدت في أغلبها تحت تأثير الرشوة. نحن نعتقد، بقوة، أن الموقف الطبيعي للاتحاد الأوروبي ومؤسساته يجب أن يكون منسجما مع مبادئ هذا الاتحاد المكتوبة والمعلنة، وكلها تستدعي منه الوقوف مع حق الشعوب في تقرير مصيرها دون قيد أو شرط وإدانة كل الانتهاكات المغربية للقانون الدولي والقانون الأوروبي قبله، هذا هو ما نتوقعه وننتظره من الاتحاد الأوروبي وليس دعم نظام توسعي يثير البلابل ويهدد استقرار المنطقة والعالم.
هل أجريتم اتصالات مع أطراف أوروبية بخصوص قضية "ماروك غيت"؟
هناك اتصالات قائمة مع أطراف أوروبية مختلفة على مستويات مختلفة، تتطور حسب نتائج التحقيقات، إلا أن الواضح الآن أن هناك تعاطفا مع حق الشعب الصحراوي بعد اكتشاف المؤامرة الكبيرة التي تعرض لها من نواب أوروبيين كان يفترض فيهم الدفاع عن مُثل الحرية والاستقلال وحقوق الشعوب في تقرير المصير والديمقراطية التي يتغنون بها. في النهاية أخطاء وفضائح المغرب وتسليط الضوء عليها وكشفها للرأي العام الأوروبي والدولي ستعزز بالتأكيد القضية الصحراوية التي ما فتئت تشق طريقها على مستوى أوروبا.
هل ستكون لهذه الفضيحة انعكاسات على الموقف المغربي من القضية الصحراوية أوروبيا بشكل رئيسي ودوليا؟
لا نعتقد أن الموقف المغربي بشأن الصحراء الغربية سيتغير أوروبيا أو دوليا، على الأقل ليس بالسرعة المطلوبة، مع اقتناعنا بأن هذه الفضيحة ستكشف زيف أطروحة الاحتلال وتكشف أساليبه التضليلية ليدرك الرأي العام الدولي ويكتشف الجميع أننا نجابه لوبيات فساد مغربية خطيرة ومفسدة تتهدد جميع الدول، همها الوحيد شراء أي مواقف داعمة للاحتلال، ولكن التاريخ يؤكد لنا أن حقوق الشعوب ستنتصر في النهاية رغم كل هذه العقبات.
المفوض السامي للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل نفى وجود تلاعب في المساعدات الإنسانية لصالح اللاجئين الصحراويين كما نفى وجود أي علاقة بين جبهة البوليساريو والجماعات الإرهابية، ما أهمية هذا التصريح خاصة في هذا التوقيت بالذات؟
جبهة البوليساريو تثمن تصريح الممثل السامي للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، الذي نفى فيه وجود تلاعب في المساعدات الموجهة لصالح اللاجئين الصحراويين كما تدعي آلة التضليل المغربية، بالرغم من أن هذه ليست المرة الأولى التي تنفي فيها المفوضية الأوروبية وجهات عديدة أخرى محايدة وجود أي سوء استغلال للمساعدات الإنسانية من قبل جبهة البوليساريو. هنا تجدر الإشارة إلى أن ما يحاول المغرب تحقيقه منذ عقدين هو وقف الدعم الإنساني للاجئين الصحراويين، سواء القادم من أوروبا أو من المنظمات الدولية المانحة، وقد دأب على هذا النهج منذ سنين ولم يكف رغم حججه الواهية التي تفتقد لأي مصداقية، والآن بعد افتضاح أمر رشاواه لبعض البرلمانيين، وربما لغيرهم، سيدرك الجميع أن كل الدعاية المغربية هي مجرد أكاذيب لا تصمد أمام الحقيقة. وبخلاصة فإن التهجم المغربى على المؤسسات الأوروبية فيما يتعلق بالمساعدات هو عمل استباقي تحاول الرباط عن طريقه ثني الاتحاد الأوروبي عن تقديم مزيد من الدعم الإنساني للاجئين الصحراويين الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدات في هذا الظرف الدولي الحساس نتيجة آثار كوفيد 19 وغيره من المؤثرات الأخرى. بمعنى أن المغرب يسعى لارتكاب جريمة جديدة ضد الشعب الصحراوي عبر استعمال ورقة المساعدات الإنسانية، مثلما فعل في عدة مناسبات ومنابر أخرى بأوراق وأكاذيب أخرى، كما يسعى لصد أبواب أوروبا في وجوهنا. وغايته الثانية في حال لم يتوصل إلى مبتغاه من وقف المساعدات، هو على الأقل أن لا يسمح لهذا الدعم بأن يتطور كما ونوعا حتى يتجاوب مع الحاجيات الحقيقية للاجئين، فالمساعدات بحجمها الحالي لا تلبي إلا جزءا بسيطا وغير كاف منها للأسف.
كيف تقيمون الموقف الفرنسي من قضية الصحراء الغربية؟
للأسف الشديد لا يمكننا أن نعطي تقييما إيجابيا للموقف الفرنسي منذ السبعينات إلى اليوم، نعتقد أن الدولة الفرنسية مطالبة بتحقيق الكثير من التوازن وبعد النظر في تعاطيها مع القضية الصحراوية، مع ضرورة وضعها في سياق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني للخروج بالاستنتاج البسيط أن حل هذه القضية لا يمكن أن يكون إلا عن طريق احترام حق الشعب الصحراوي الثابت في تقرير المصير، بمعنى رفض كل أشكال الضم والتوسع والاحتلال تحت ذريعة نوع أو حجم "المصالح" الفعلية أو المتخيلة.
في النهاية، لا نرى أي فائدة من مضي فرنسا في مواقفها الحالية التي تتجاهلنا وتتجاهل حقوق شعبنا، كما أثبتت التجربة أن اتخاذ باريس المغرب كحليف مفضل بل ومدلل على حساب بقية الشعوب المغاربية هو خطأ استراتيجي تدفع ثمنه الآن وتكلفته باهظة على فرنسا ليس فقط في المنطقة بل في كل القارة، لذلك نوجه دائما نداءات للدولة الفرنسية بوضع حد لعدائها غير المبرر لحق الشعب الصحراوي واحترام الشرعية الدولية في الصحراء الغربية وإنهاء دعمها اللامشروط لنظام الاحتلال، ونجدد هذا النداء من هذا المنبر.
كثيرا ما يستعمل المسؤولون المغاربة عبارة الكيان الوهمي في توصيف الجمهورية الصحراوية، كيف تعلقون على هذا التوصيف؟
محاولة الرباط فرض احتلال الصحراء الغربية وإطالة أمده هو الوهم وأضغاث أحلام ظلت تراود هذا النظام التوسعي في المغرب لكن التجربة والتاريخ أثبتا أن ذلك غير ممكن وأن الشعب الصحراوي خصم لا يلين ومصمم على انتزاع حقه بكل الطرق المشروعة، وسيحقق ذلك إن عاجلا أو آجلا رغم كل التحديات. في الحقيقة لا نرى أي فائدة من إعطاء أي أهمية لهذه التصرفات والتصريحات الصبيانية التي ينطق بها من يفترض أنهم مسؤولون يمثلون دولة عضوا في اتحاد قاري انضموا إليه سنة 2017، في الوقت الذي تتبوأ الجمهورية الصحراوية صفة العضو المؤسس. على كل حال، ينبغي تذكير هؤلاء أن مصادقة المملكة المغربية على القانون التأسيسي للاتحاد ونشره هذه المصادقة مع نص القانون في الجريدة الرسمية المغربية هو في حد ذاته اعتراف فعلي بالجمهورية الصحراوية كحقيقة لا محيد للنظام المخزني عن الاعتراف بها إذا أراد فعلا لشعبه السلام والاستقرار والنمو. لكن للأسف أثبت التاريخ أن آخر ما يهم النخبة الحاكمة في المغرب هو مصالح الشعوب المغاربية والشعب المغربي بالذات، ويكفي إلقاء نظرة على معاناة أشقائنا المغاربة في الأشهر الماضية للتأكد من سوء تقدير هذا النظام وفشله في تسيير حتى شأنه الداخلي والاقتصادي والاجتماعي.
بعد أكثر من سنتين من عودة الحرب هل حققت جبهة البوليساريو إلى حد الآن الأهداف التي وضعتها؟ وكيف تقيمون بشكل عام أداء الجيش الصحراوي وحجم تأثر المغرب بهذه الحرب؟
بطبيعة الحال، التقييم الدقيق لذلك يعود إلى القيادة السياسية والعسكرية الصحراوية التي تعرف جيدا كل أبعاد هذه الحرب، ولكن على العموم يمكن القول إن عودة الشعب الصحراوي، بقيادة الجبهة الشعبية للكفاح المسلح شهر نوفمبر 2020، قد فرض واقعا جديدا على المحتل وأدخله في حسابات لم تكن متوقعة بالنسبة لنظام التوسع، ويبدو أن سنتين من الحرب قد أخرجتا أسوأ ما في هذا النظام إلى العالم وإلى الجميع، ويكفي النظر إلى تدهور علاقات نظام الاحتلال مع كل جيرانه منذ ذلك التاريخ، بل حتى مع أكبر حلفائه، فرنسا، وتدهور وضعه الاقتصادي والغليان الاجتماعي الذي يعاني منه هذا النظام نتيجة بروز حقيقته للجميع كدولة فاشلة، يكفي هذا القليل من المؤشرات لمعرفة نتائج الحرب حتى الساعة.
المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية أعلن مؤخرا أنه يواصل تحركاته واتصالاته "مع الأطراف المعنية لإيجاد حل عادل وقابل للتطبيق ومقبول من الطرفين"، هل الاتصالات متواصلة بعد إعلانكم عدم التعاون مع الأمم المتحدة؟ هل تلقيتم مقترحات بالعودة إلى طاولة المفاوضات؟ وهل أنتم مستعدون في الظرف الحالي للعودة إلى المفاوضات؟
نحن لم نعلن قط عدم تعاوننا مع الأمم المتحدة، نحن قلنا دائما إننا مستعدون للتعاون معها من أجل إيجاد حل عادل ونهائي للنزاع يضمن حقوق شعبنا ويضمن بالأساس احترام القانون الدولي ومقتضيات تصفية الاستعمار من بلدنا، لكننا بالفعل أكدنا أننا غير مستعدين لأي تعاون خارج هذا النطاق ولا أن نكون شريكا في أي عملية لا تحترم وتضمن بشكل كامل ممارسة شعبنا حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال وفقا لقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ذات الصلة.
هناك مشكلة كبيرة في تعاملنا مع الأمم المتحدة تتمثل في أن شعبنا قد فقد الثقة في عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة وفي بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية وفي عملية السلام الأممية بشكلها الحالي، التي انحرفت بشكل خطير عن مسارها، وبالأساس فقد ثقته في الأمم المتحدة التي تعجز حتى عن مراقبة وحماية حقوق الإنسان وعن قول الحقيقة بخصوص انتهاك المغرب الممنهج والمعلن والمدان من قبل جميع منظمات حقوق الإنسان، بل حتى من آليات حقوق الإنسان الأممية.
لذلك، ومن أجل استعادة ثقة شعبنا في عملية السلام التابعة للأمم المتحدة وفي بعثة الأمم المتحدة، يجب على الأمانة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وفي نطاق مسؤوليات كل منهما، اتخاذ الإجراءات العاجلة والمناسبة الكفيلة بذلك.
هذا هو موقفنا، لأننا كنا دائما دعاة سلام ومستعدين للسلام منذ اليوم الأول، وحين حملنا السلاح ضد الاستعمار حملناه رغبة في السلام واحتراما للشرعية الدولية التي تعطي الحق لكل الشعوب في محاربة الاستعمار وفي مناهضته بكل الطرق المشروعة على رأسها الكفاح المسلح الذي يتجاهل الكثيرون أنه حق مشروع ومنصوص عليه في القانون الدولي لكل الشعوب المضطهدة.
بالنسبة للمبعوث الأممي جبهة البوليساريو تعاطت معه بإيجابية وكنا السباقين لذلك وأوضحنا له مثل ما أكدنا للجميع موقفنا، وننتظر منه أن يكون وسيطا نشطا ومنصفا وصارما وشجاعا، على الأقل في هذه المرحلة التي يرى فيها الجميع من المتعنت ومن الضحية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال مواصلة تغطية شمس الحقيقة بغربال التماطل ولا التغاضي عن جرائم المغرب المكشوفة. لقد حان الوقت للأمم المتحدة أن تحترم ميثاقها وتطبق قراراتها في الصحراء الغربية وتضع حدا لعقود من التواجد الباهت والوهن والتهاون في هذا الملف الواضح، الذي هو قبل كل شيء قضية تصفية استعمار لا بد من حسمها إن كانت هناك فعلا إرادة في السلام.
( واص ) 090/105