تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية ، الأمين العام لجبهة البوليساريو في اختتام أشغال الجامعة الصيفية للأطر الصحراوية في طبعتها الثامنة جامعة الشهيد "سيدي حيذوك"

نشر في

بومرداس 23 غشت 2017 (واص) - ألقى اليوم الأربعاء، رئيس الجمهورية ، الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد ابراهيم غالي  الكلمة الختامية لأشغال الجامعة الصيفية للأطر الصحراوية جامعة الشهيد " سيدي حيذوك".
وفيما يلي النص الكامل للكلمة :
 
كلمة السيد إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية الصحراوية، اللأمين العام لجبهة البوليساريو، في اختتام أشغال الجامعة الصيفية لإطارات الجبهة والدولة الصحراوية
ولاية بومرداس، 23 أغسطس 2017
سم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة،
نختتم اليوم الطبعة الثامنة من الجامعة الصيفية لإطارات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. إن كل الإطارات المشاركة في هذه الطبعة والصحراويين عامة لجد فخورين وممتنين إزاء هذا المجهود الجبار الذي يشكل فرصة رائعة لتلقي صنوف الفكر والمعرفة، على يد نخبة من خيرة المفكرين والأساتذة والمختصين، في جميع المجالات، الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية والدينية وغيرها، إضافة إلى ما رافقها من أنشطة وفعاليات موازية، عديدة ومتنوعة.
اسمحوا لي أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى هذه النخبة الجزائرية والصحراوية التي أفادت وأمتعت، وبالتهنئة إلى الإطارات الصحراوية التي واظبت بالتزام على جلسات هذه الطبعة، متمنياً لهم جميعاً كل التوفيق والنجاح في قادم الأيام والمهام.
الشعب الصحراوي قاطبة يقدر هذا العمل أيما تقدير، ققد مكن وسيمكن إطاراتنا من تعميق معارفها وصقل تجاربها وتعزيز قدراتها لتدعيم مسيرة البناء المؤسساتي للدولة الصحراوية، حاضراً ومستقبلاً، والتعاطي مع التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم وتشهدها المنطقة، والتصدي للمخاطر وتذليل الصعوبات التي تقف في طريق استكمال سيادة الدولة الصحراوية على كامل ترابها الوطني.
هذه الجامعة الصيفية أصبحت مع مرور الزمن معلماً متميزاً في ملحمة التضامن والتحالف الأبدي بين الشعبين والبلدين الشقيقين، الصحراوي والجزائري. وهذه مناسبة لنتوجه بأصدق عبارات الشكر والتقدير إلى الجزائر، بحكومتها وشعبها، ببرلمانها وأحزابها ومجتمعها المدني، والذين مثلتهم أحسن تمثيل اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، برئاسة رفيقنا الدكتور سعيد العياشي، وولاية بومرداس المضيافة والشركة الوطنية سوناطراك، عبر المعهد الجزائري للبترول، لما وفروه من كرم الضيافة وحسن الاستقبال وأفضل الظروف لإنجاح هذه الطبعة. فشكراً لهم جميعاً.
السيدات والسادة،
لقد وقع اختيار الجامعة هذا الصيف على اسم الشهيد سيدي حيذوك، وشعار تصميم ووفاء لعهد الشهداء. وإنه لاختيار موفق، كونه جمع بين جملة من القيم والمثل السامية التي تخضب كفاحات الشعوب من أجل الحرية والكرامة، مثل الشهادة والتصميم والوفاء.  كيف لا ونحن نتحدث عن بطل استطاع أن يقدم مثالاً ناصعاً على قدرة الشباب الواعي المؤمن بقضيته على صنع المستحيل، فكان حاضراً بوطنيته وحمساته واندفاعه وقدراته وقيادته الميدانية وتوليه لمهام  لا يـنـبـري لها إلا كبار النفوس وأقوياء الشكيمة.
 لقد أدى الأمانة ولم يبدل تبديلاً، ومضى على العهد على غرار  الفقيد محمد سيد إبراهيم بصيري، قائد اتفاضة الزملة التاريخية، والشهيد الولي مصطفى السيد، مفجر الثورة الصحراوية، والرئيس الشهيد محمد عبد العزيز وكل شهيدات وشهداء القضية الوطنية، جازاهم الله عنا خير الجزاء.
واليوم، وبعد أكثر من أربع وأربعين سنة من اندلاع الثورة الصحراوية، حافلة بالتضحيات والمعاناة والمكاسب والإنجازات، ها هو الشعب الصحراوي، في كل مواقع تواجده، في الأرض المحتلة وجنوب المغرب، في الأراضي المحررة ومخيمات العزة والكرامة وفي المهجر، أكثر قوة وأكثر وحدة وأكثر إصراراً على المضي على ذلك الدرب المستنير بكل إخلاص ووفاء لعهد الشهداء، وبكل ثقة في النصر الحتمي واستكمال سيادة دولته، الجمهورية الصحراوية، على كامل ترابها الوطني.
السيدات والسادة،
لا شك أن المحاضرات والمداخلات القيمة التي شهدتها هذه الجامعة الصيفية قد أوضحت بما فيه الكفاية كل الجوانب القانونية والتاريخية المتعلقة بالنزاع في الصحراء الغربية. فقد تم تحديد طبيعة المشكل منذ ستينيات القرن الماضي، حيث يندرج في إطار القرار التاريخي 1514 الذي كان للثورة الجزائرية فضل كبير في تبنيه من طرف الأمم المتحدة، والذي ينص على منح الاستقلال للشعوب والبلدان المستعمرة.
إن الأمم المتحدة مسؤولة عن تصفية الاستعمار من آخر مستعمرة في إفريقيا، وتطبيق خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991، القاضية بتنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي. ونحن إذ نؤكد استعدادنا للتعاون مع الجهود الدولية على هذا الأساس، فإننا نأمل أن يكون استلام الرئيس الألماني الأسبق، السيد هورست كوهلر، لمهامه كمبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية،  فرصة مواتية للتعجيل بتنفيذ تلك المأمورية.
كما نلح في هذا الخصوص على التطبيق الفوري لقرار مجلس الأمن الدولي الأخير، خاصة فيما يتعلق باستئناف مسار المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع، جبهة البوليساريو والمملكة المغربية، ومعالجة الإشكاليات الناجمة عن الخرق المغربي السافر للاتفاقية العسكرية رقم 1 ولاتفاق وقف إطلاق النار في منطقة الكركارات. 
ولا بد من التأكيد مجدداً على مسؤولية الدولة الإسبانية عن مستعمرتها الصحراء الغربية، وهي مسؤولية ستبقى قائمة ما لم ينتهِ النزاع بتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير والاستقلال.
 ولا بد من التأكيد على مسؤولية الدولة الفرنسية التي، مع الأسف، تبنت موقفاً منحازاً وداعماً للأطروحة الاستعمارية المغربية على مدار عقود من الزمن، وآن لها أن تتخذ موقفاً منسجماً مع مكانة فرنسا كمهد للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومع مسؤوليتها، كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي، عن تحقيق الأمن والعدالة والسلام والاستقرار واحترام الشرعية الدولية والقانون الدولي الإنساني في المنطقة والعالم.
السيدات والسادة،
لقد أصبحت دولة الاحتلال المغربي تشكل خطراً محدقاً في المنطقة والعالم نتيجة سياساتها القائمة على التوسع والعدوان الذي كان ضحيته العديد من بلدان المنطقة. وإن مخدرات المملكة المغربية، أكبر منتج ومصدر لمخدر القنب الهندي في العالم، أصبحت اليوم عاملاً حاسماً في دعم وتمويل وتشجيع عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، وتهديداً قائماً لشعوب وبلدان المنطقة، أمنياً واقتصادياً واجتماعياً.
والمملكة المغربية تمارس انتهاكاً صارخاً للقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، وخاصة مبدأ الحدود الموروثة غداة الاستقلال، باحتلالها لأجزاء من تراب الجمهورية الصحراوية. فالصحراء الغربية والمملكة المغربية بلدان منفصلان، وقد جاء قرار محكمة العدل الأوروبية في 26 ديسمبر 2016 ليدعم ترسانة من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة وغيرها، والتي تنفي بشكل قاطع أية سيادة مغربية على الأراضي الصحراوية.
إن هذا الاعتداء وحده يكشف الخلفيات الحقيقية من ادعاء المملكة المغربية التوجه نحو إفريقيا والدفاع عن مصالحها. وإن خطاب ملك المغرب الأخير إنما يكشف عن النوايا الحقيقية التي لا علاقة لها بما يسميه إصلاح الاتحاد الإفريقي من الداخل، بقدر ما يتعلق الأمر باستهداف خطير للمنظمة القارية التي تجسد حلم وطموح الشعوب الإفريقية في التحرر والاستقرار والسلام والوحدة والتضامن والتكامل والتنمية.
وإننا لنحذر قادة إفريقيا وشعوبها، وندعو الاتحاد الإفريقي إلى  تحمل مسؤولياته، واتخاذ كل الخطوات والإجراءات اللازمة من أجل التعجيل بوضع حد للخرق المغربي للقانون التأسيسي للاتحاد، الذي صادقت عليه المملكة، والعمل مع الجمهورية الصحراوية، كعضوين في المنظمة القارية، من أجل إنهاء آخر مظاهر الاستعمار في القارة الإفريقية.
السيدات والسادة،
لا شك أن مشاركة وفود من الأرض المحتلة في هذه الجامعة الصيفية، في الجزائر الشامخة، مكة الثوار وقـِـبلة الأحرار، هي رسالة تحدي وتضامن ومؤازرة مع انتفاضة الاستقلال المباركة، للمضي بعزم وإصرار في المقاومة السلمية، للدفاع عن حقوق شعبنا المشروعة في العيش في كنف الحرية والكرامة في بلده الحر المستقل، الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
في يوم 19 يوليو الماضي، أقدمت دولة الاحتلال المغربي، بعد محاكمة صورية فاقدة لكل شرعية، على إصدار أحكام جائرة في حق مجموعة من المناضلين الصحراويين المدافعين عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، والمعروفين باسم مجموعة اقديم إيزيك.
إنها ممارسات معهودة، تنم عن ارتباك قوة الاحتلال والاستعمار، وتصل إلى مستويات في غاية الانحطاط والدناءة، مثل الهجوم الوحشي للقوات المغربية على الأب ديدا اليزيد وعائلته في مدينة العيون المحتلة، رغم أنه مجرد رجل مسن وأعزل، يرفع مطالب بسيطة وعادلة.
إنها ممارسات ترمي عبثاً إلى إركاع هؤلاء المواطنين الصحراويين ليتخلوا عن مواقفهم المبدئية والمشروعة، في محاولة بائسة لإسكات وقمع روح المقاومة المتأججة في صفوف الجماهير الصحراوية في الأرض المحتلة وجنوب المغرب والمواقع الجامعية وفي كل مكان.
لكن صمود هؤلاء الأبطال واستمرار انتفاضة الاستقلال إنما هي رسالة إلى دولة الاحتلال المغربي بأن كل أساليب الترهيب والترويع، بالتقتيل ومحاولة الإبادة بأبشع الطرق والقمع الوحشي والتعذيب والاعتقال والحصار والمحاكمات الصورية، لم  و لن تثني الشعب الصحراوي عن المضي في معركته المقدسة حتى انتزاع حقوقه المغتصبة.
إننا ندين هذه الانتهاكات وهذه الأحكام الجائرة التي جاءت بعد اعتقال تعسفي ومحاكمة باطلة، ونطالب مجلس أمن الأمم المتحدة وأمينها العام والمجتمع الدولي عامة وكل المنظمات المعنية بحقوق الإنسان بالتحرك لوضع حد لهذا الانتهاك الصارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، والتعجيل بإطلاق سراح معتقلي اقديم إيزيك ومعتقلي الصف الطلابي وامبارك الداودي ويحي محمد الحافظ إيعزة وجميع المعتقلين السياسيين الصحراويين في السجون المغربية.
كما نطالب الأمم المتحدة بوقف النهب المغربي للثروات الطبيعية الصحراوية ورفع الحصار المفروض على الأراضي المحتلة وتمكين بعثة المينورسو من آلية لحماية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ومراقبتها والتقرير عنها.
السيدات والسادة،
أتوجه بالشكر والترحيب إلى كل من حضر معنا هذا الاختتام من ممثلين للحكومات والبرلمانات والأحزاب والمنظمات والجمعيات والشخصيات من الجزائر وإفريقيا والعالم.
لن أختم كلامي قبل أن أجدد التعبير، باسم كل الصحراويات وكل الصحراويين، أينما تواجدوا، عن جزيل الشكر وعميق العرفان وخالص الامتنان للجزائر الشقيقة، حكومة وشعباً، بقيادة أخينا المجاهد، فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، على مواقف الدعم والمساندة لكفاح الشعب الصحراوي العادل، انسجاماً مع قيم ومثل ومبادئ ثورة الأول من نوفمبر المجيدة ومع ميثاق وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
وليس هذا بغريب على الجزائر الأبية، جزائر العزة والكرامة، جزائر المواقف المبدئية الراسخة إلى جانب كل المظلومين والمضطهدين، إلى جانب كل حركات التحرر الوطني، إلى جانب كل الشعوب المكافحة من أجل الحرية والعدالة والسلام. إنها الجزائر التي سجلت بأحرف من ذهب تاريخاً ناصعاً من البطولة والتضحية والفداء، وكان لثورتها التحريرية الفضل الذي لا يمكن نكرانه في انبلاج فجر الحرية على الكثير من شعوب المنطقة والقارة والعالم.
وإننا إذ نجدد عبارات الشكر والتقدير، لنتقدم بالتهنئة إلى بلد المليون ونصف المليون شهيد، وهو يخلد يوم المجاهد الذي يصادف الذكرى المزدوجة لانعقاد مؤتمر الصومام و هجومات الشمال القسنطيني، كمحطتين بارزتين في معركة التحرير المظفرة التي خاضها الشعب الجزائري، وتوجها بدحر الاستعمار واسترجاع السيادة ونيل الاستقلال.
وأود هنا أن نترحم جميعاً على روحي بطلين وشخصيتين جزائريتين لاحلتا عنا هذا العام وكان حاضرين في هذه الجامعة سيبقيان حاضرين إلى الأبد في ذاكرة ووجدان الشعبين الصحراوي والجزائري. رحم الله رضا مالك وعبد الرزاق بارة.
إن الشعب الصحراوي ليستلهم دروس المقاومة والصمود والتضحية من هذه التجربة الجزائرية الرائدة التي رسخت إلى الأبد حقيقة أنه لا مناص من انتصار إرادة الشعوب وأنه ما ضاع حق وراءه مطالب، وأن غداً لناظره لقريب، وأن الدولة الصحراوية المستقلة حقيقة وطنية وجهوية ودولية لا رجعة فيها. 
قوة، تصميم وإرادة، لفرض الاستقلال والسيادة.  شكراً والسلام عليكم. (واص)
090/105.