تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مقال لأمينتو حيدار في الإعلام الإسباني: "اختفاء بصيري ونزيف كرامة "الديمقراطية" الإسبانية"

نشر في

مدريد (اسبانيا) 11 يونيو 2020 (واص)- دعت الناشطة الحقوقية الصحراوية الفائزة بجائزة نوبل البديلة، السيدة أمينتو حيدار، الدولة الإسبانية إلى وفق "النزيف الحاد لكرامتها" و"انبطاحها" أمام نظام الاحتلال المغربي، يوم أمس في مقال نشرته يوم أمس بجريدة "لاماريا" الاسبانية.
وجاء المقال بمناسبة الذكرى الخمسين (50) للاختفاء القسري للفقيد محمد سيدي ابراهيم بصيري، حيث أعلنت أمينتو عبره عن توقيعها وضم صوتها لمبادرة إسبانية، أطلقتها منظمات وشخصيات إسبانية، لمطالبة الدولة الإسبانية بالكشف عن مصير الفقيد بصيري، وعن حقيقة ما اقترفته اسبانيا الرسمية في حق الصحراويين حين قمعها انتفاضة 1970.
وفي ما يلي ترجمة حرفية للمقال:
اختفاء بصيري ونزيف كرامة "الديمقراطية" الإسبانية
أمينتو حيدار
لن يمحو التاريخ أبدا العار عن الدولة الإسبانية خيانتها التاريخية والمشينة لشعب الصحراء "الإسبانية" آنذاك، وللجمهورية الصحراوية/الصحراء الغربية حاليا، مهما حاولت النخب السياسية الاسبانية تغطية شمس الحقيقة بغربال مواقفها المتخاذلة.
كما لن تستطيع الدولة الإسبانية إلصاق تهمة خيانتها بأي حزب أو تيار سياسي دون آخر ممن حكموا البلاد منذ تحملت مدريد مسؤولياتها السياسية في استعمار الصحراء الغربية سنة 1965، بعد ضمها البلد إليها بصفته المقاطعة رقم 53.
بعد ذلك، تنكرت إسبانيا لكل ذلك عبر مسلسل لا يتوقف من الخيانات، من قبيل الجريمة ضد الإنسانية التي ارتكبتها السلطات الإسبانية ضد المتظاهرين الصحراويين المسالمين في انتفاضة الزملة، وبعد اختطاف زعيم الحركة الوطنية الصحراوية آنذاك، الفقيد محمد سيدي ابراهيم بصيري، وبعد توقيع اتفاقية خيانية ثلاثية في الخفاء لتقسيم الصحراء الغربية إلى نصفين، وبعد التخلي عن الشعب الصحراوي وحرمانه من التمتع كبقية الشعوب الأفريقية من تصفية الاستعمار ومن ممارسة حقه في تقرير المصير، وبعد تسليم آلاف الأبرياء المسالمين للقصف بالنابالم والفوسفور الأبيض والتقتيل والتشريد من قبل حليف مدريد، النظام المغربي المحتل.
بعد ذلك كله، دخلت الحكومات، "الديمقراطية"، الإسبانية في مسلسل لا يتوقف من الخيانات، دشنه رئيس الحكومة الإشتراكي فيليبي دي غونزاليس، الذي انبطح بشكل غريب ومثير للإشمئزاز أمام النظام الملكي في المغرب حتى بات من أكبر سفرائه المتجولين في أمريكا اللاتينية وغيرها يبث سموم الملكية ضد جبهة البوليساريو.
وعلى نهجه سارت الحكومات الإسبانية المتعاقبة، بيمينها ويسارها، للأسف الشديد، ومثله تساقط عدد كبير من السياسيين الإسباني، الذين لو بدأنا في كتابة أسمائهم لاحتجنا صفحات وصفحات. وحدها الشعوب الإسبانية كانت وفية للتاريخ، ولم تتوقف يوما عن دعم إخوانها وأخواتها من أبناء الشعب الصحراوي المقاوم، وحدها الشعوب الإسبانية تحملت بحق مسؤولياتها تجاه الشعب الصحراوي وما تزال تقاوم معه.
اليوم، وفي هذه الذكرى الخمسين لاختفاء الفقيد محمد سيدي ابراهيم بصيري، نريد عبر هذه الحملة (حملة ماذا جرى لبصيري؟) أن يعلم العالم أجمع بأننا لن ننسى مفقودينا، وأننا لن نتوقف عن تحميل الدولة الإسبانية، بمختلف أجهزتها، المسؤولية الكاملة عن جريمة اختفاء الفقيد بصيري، الذي لم يرتكب من جرم سوى أنه آمن بحق شعبه في التحرر، وسعى لتحقيق ذلك بشكل سلمي، لم يرفع سلاحا ضد أحد، ولم يقتل أحد، ولم يعتدي على أحد.
واليوم، أنضم شخصيا لهذه المبادرة المحمودة، كمناضلة صحراوية، وكضحية اختفاء قسري عاشت القمع والتعذيب الرهيب في المعتقلات السرية المغربية، لأقول للدولة الإسبانية  أنني أتمسك بكافة حقوقي التي عملت الحكومة الإسبانية بشكل خياني ومرات عديدة على حرماني منها، أولا عبر حرماني من الحق في الحرية وتصفية الاستعمار سنة 1975، ثم حرماني من الحق في تقرير المصير عبر تواطئها ودعمها الاحتلال المغربي منذ ذلك الحين، وهاهي الآن تواصل حرماني كصحراوية من الحقيقة، كل الحقيقة، وتتمادى في تواطئها مع المخزن.
ومن هنا، أطالب بالكشف الكامل عن حقيقة ما جرى في أحداث انتفاضة الزملة لسنة 1970، وبتحميل المسؤوليات للمسؤولين والمؤسسات الإسبانية التي ارتكبت تلك الجرائم ضد الإنسانية والجرائم ضد الضحايا الصحراويين الذين استشهدوا في تلك الأحداث دون أن نعرف عنهم شيئا، وأطالب أيضا بالحقيقة وجبر الضرر والعدالة لكل ضحايا الإختفاء القسري، مثل ما هو حال الفقيد بصيري.
ومن هنا، أدعو "الديمقراطية" الإسبانية أن توقف نزيف كرامتها المهدورة، وتتحمل مسؤولياتها أمام القانون الدولي، وتتوقف عن الانبطاح غير المبرر لنظام الاحتلال المغربي، لأننا لن ننسى ولن نسامح ولن نتوقف عن المقاومة.
أمينتو حيدار
مدافعة صحراوية عن حقوق الإنسان،
فائزة بجائزة نوبل البديلة لسنة 2019". (واص)
090/500/60 (واص)
رابط المقال بالإسبانية:
La desaparición de Bassiri y la pérdida hemorrágica de dignidad de la ‘democracia’ española