تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

القضية الصحراوية: بعث المفاوضات و نجاحات دبلوماسية و الرباط تحت الضغط سنة 2018

نشر في

الشهيد الحافظ ، 25 ديسمبر 2018 (واص) - ستختتم سنة 2018 بتحقيق انجاز دبلوماسي هام في  ملف الصحراء الغربية حيث اتسمت مفاوضات جنيف برعاية الأمم المتحدة بالتزام جدي  للمغرب و جبهة البوليساريو ببعث و استئناف المفاوضات من أجل تسوية النزاع.
ووجدت الرباط التي لا طالما حالت دون إحراز أي تقدم في الوضع نفسها في  مواجهة القانون الدولي الذي ينص على تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب  الصحراوي. 
وبعد أن بقيت لسنوات في نقطة البداية شهدت القضية الصحراوية نفسا جديدا بفضل  جهود المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية هورست كوهلر الذي نجح في حمل طرفي النزاع المغرب و جبهة البوليساريو على الجلوس حول  طاولة المفاوضات بحضور الجزائر و موريتانيا بصفتهما بلدين مجاورين.
و تشكل هذه المفاوضات سابقة منذ مفاوضات منهاست في 2012 و ذلك وفقا للائحة  2414 لمجلس الأمن المتعلقة ببعث مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة.
و يمثل هذا الموعد "خطوة أولى نحو مسار مفاوضات متجددة من أجل التوصل إلى حل عادل و مستدام يسمح بتقرير مصير الشعب الصحراوي" و يعكس مدى جدية و حسن نية الأمم الأمم المتحدة والمنتظم الدولي من أجل تسوية النزاع .
وعرفت سنة 2018 تجند منظمات و جمعيات دولية للدفاع عن حقوق الشعب من خلال  تشديد الدعوة لتنظيم استفتاء حول تقرير المصير وفقا للوائح الأممية و الشرعية  الدولية بعد كفاح دام أكثر من أربعين سنة من أجل استرجاع السيادة الوطنية.
و قد حظيت هذه الهبة بدعم دول من إفريقيا و أمريكا اللاتينية و الهيئات  القانونية و السياسية عبر العالم،  مما استدعى حوار من شأنه أن يفضي إلى حل  يحترم إرادة الشعب الصحراوي. 
وفي الوقت الذي تحاول فيه بعض الحكومات الأوروبية التحايل على الشرعية  الدولية مراعاة ل"مصالحها الاقتصادية" ثار العديد من النواب و مناضلي القضية  الصحراوية،  مستنكرين سلوك دول الاتحاد الأوروبي سيما فرنسا و اسبانيا فيما يخص الاستغلال غير الشرعي للموارد الطبيعية الذي يعتبر بمثابة "دعم للمحتل  المغربي".
وعلى الصعيد الأممي تميزت سنة 2018 برفع حالة الانسداد التي تطبع مسار التسوية  و بالحركية الجديدة التي بادر بها مجلس الأمن الذي مدد لمرتين (أبريل و أكتوبر  2018) بستة أشهر فقط عهدة بعثة الأمم المتحدة من أجل تنظيم الإستفتاء في الصحراء  الغربية "المينورسو".
و قد لاقت مدة العهدة (6 أشهر بدلا من سنة) صدى ايجابيا بعد المحاولات  المغربية و الفرنسية للإبقاء على المدة المحددة في البداية. و برأي الملاحظين  فان هذا القرار يؤكد إرادة الأمم المتحدة في تسريع وتيرة تسوية النزاع من خلال  حل يفضي إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي.
وعلى الصعيد القانوني سُجل رفض كلي و مستمر لأي سيادة يدعيها المغرب على  الأراضي و المياه الإقليمية الصحراوية. إذ تجسد ذلك من خلال  قرارات المحكمتين الجنوب افريقية و الأوروبية لا سيما قرار محكمة العدل  الأوروبية الصادر في 27 فبراير 2018 المتعلق بقرار الصيد البحري (الإتحاد  الأوروبي-المغرب) و كذا قرار المحكمة العليا الجنوب إفريقية بشأن قضية شحنة  الفوسفات المحملة على سفينة "ن.م شيري بلوسم"،  معلنة بأن الجمهورية العربية  الصحراوية الديمقراطية هي "مالكة" الشحنة.
بل أفضل من ذلك فان محكمة الاتحاد الأوروبي أعتبرت بأن الاتفاق الجوي بين  الاتحاد الأوروبي و المغرب غير قابل للتطبيق على الصحراء الغربية و على فضائها  الجوي،  مؤكدة مرة أخرى بأن الصحراء الغربية اقليم منفصل و مميز برا و بحرا.
و خلال نفس السنة (2018) عقب انعقاد قمة الاتحاد الافريقي بنواكشط، أدرك  المغرب مدى تمسك الإتحاد الإفريقي بحقوق الشعب الصحراوي في تقرير المصير و  الإستقلال بعد "القرار التاريخي" بإنشاء آلية إفريقية من أجل التوصل إلى حل للنزاع مسجلة بذلك منعطفا حاسما في تسوية هذا الملف و بداية "العد التنازلي للاحتلال  المغربي".
وبعد أن حشر في الزاوية حاول المحتل المغربي تضليل الرأي العام و عرقلة  الجهود الرامية إلى تسوية النزاع ليقع في موجة من التناقضات سيما عندما صرح  ملك المغرب, محمد السادس, في أحد خطاباته بالتزام الرباط بدعم جهود الأمم المتحدة لكنه حدد بالمقابل شروط و مرجعيات غير معترف بها دوليا كشرط مسبق لتسوية النزاع، و في نفس الوقت التأكيد على التزامه في  إطار الاتحاد الافريقي, بينما عارض عودة مكتب الإتحاد الإفريقي إلى مدينة  العيون المحتلة للتعاون مع بعثة المينورسو
من جهة أخرى لا زال المغرب يبقي على سياسة الهروب إلى الأمام التي ينتهجها  منذ أكثر من عشر سنوات للتملص من تنظيم استفتاء، منتهكا في نفس الوقت حقوق الشعب الصحراوي من خلال نهب الثروات الطبيعية لهذا الاقليم المدرج منذ سنة 1966 ضمن قائمة الأقاليم غير المستقلة و بالتالي فهي معنية بتطبيق اللائحة  رقم 1514 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تنص على منح الاستقلال  للبلدان و الشعوب المستعمرة.
لكن رغم نوايا الرباط إلى حد الساعة لإبقاء حالة الانسداد فان الأمم  المتحدة و الولايات المتحدة أبديتا تذمرهما من الوضع القائم بسبب عدم تمكن  المينورسو من تنظيم استفتاء حول تقرير مصير الشعب الصحراوي, و هي المهمة الأساسية التي أُنشئت من أجلها البعثة في 1991. (واص)
090/105/700.